- صاحب المنشور: عبد الرشيد السمان
ملخص النقاش:يُعد موضوع زواج القاصرات قضية مثيرة للجدل على مستوى العالم. فمن جهة، يرتبط الأمر بالتقاليد الثقافية والدينية التي تسمح به في بعض المجتمعات. ومن الجهة الأخرى، تظهر المخاوف المتعلقة بالحقوق الصحية والنفسية للأطفال الذين يجبرون على الدخول في مثل هذه الزيجات قبل بلوغهم سن الرشد القانوني.
في العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، يُعتبر زواج البنات الصغيرات جزءاً من العادات والتقاليد المحلية. غالباً ما يتم الدفاع عنه بناءً على تعاليم الدين الإسلامي، حيث يمكن للشاب المعين أن يتزوج عندما يصل إلى مرحلة الشباب ويتمكن من تحمل المسؤولية تجاه عائلته (والدي الزوجة). لكن هذا الجانب التاريخي والثقافي يتعارض مع الاعتبارات الحديثة حول حقوق الإنسان والحفاظ على الصحة العامة.
الأبعاد الشرعية
عند دراسة الشريعة الإسلامية بهذا الخصوص، ينصب التركيز بشكل كبير على الرضا والقدرة الفكرية والعاطفية للمرأة أو الرجل للتزويج. رغم عدم وجود حد واضح لسن الزواج في القرآن الكريم، فإن السنة النبوية تشدد على أهمية الحصول على موافقة الطرف الآخر. كما تأتي أحاديث مختلفة تحذر من الإكراه واستغلال الأطفال جنسياً، مما يشكل أساساً لمناقشة حيوية داخل البيئة الأكاديمية والفقهية.
التأثيرات الاجتماعية والصحية
على المستوى الاجتماعي، قد يؤدي زواج الفتيات الصغيرات إلى انسحابهن المبكر من التعليم وتعرضهن للإساءة المنزلية بسبب عدم نضجهن العقلي والجسدي. أما بالنسبة للجانب الصحي، فرغم أنه ليس هناك دليل قاطع بأن زواج القاصر يؤثر مباشرة على خصوبتها مستقبلاً، إلا أنه يشكل تحدياً كبيراً لها ولزوجها فيما يتعلق بالحمل والإنجاب خلال تلك الفترة العمرية الحساسة.
القوانين الدولية والمحلية
مع مرور الوقت، تطورت المواقف العالمية تجاه هذا الموضوع ليصبح أكثر عدائية نحو زواج القاصرات. أقرت الأمم المتحدة الاتفاقية رقم ١٨٢ عام ١٩٧٣ والتي تحظر العمل بالأطفال تحت سن ١8 سنة. بالإضافة إلى ذلك، سنت العديد من الدول قوانين محلية لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي وغيره من أشكال سوء المعاملة المرتبطة بزواجهن.
بشكل عام، بينما يستمر الجدل حول استدامة وملاءمة ممارسة زواج القاصرات ضمن السياقات المختلفة، يبقى الحل المقترح هو تحقيق توازن قوامه احترام التراث الثقافي جنبا إلى جنب مع ضمان سلامة وصحة جميع الاطراف المعنية، خاصة وأننا نعيش اليوم عصر حقوق المرأة وتعزيز مكانتها عالميا.