تناولت آراء مختلفة حول نزول سورة المائدة على أتباع النبي عيسى عليه السلام. ومع ذلك، يشير أغلب العلماء المسلمين إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل بالفعل المائدة على هؤلاء الأتباع بناءً على الوعد الرباني "إني منزله عليكم". هذا الرأي مدعوم بتعليقات العديد من علماء التفسير مثل الإمام الطبري وابن كثير، بالإضافة إلى موافقات تاريخية من صحابة ورواة. يدلل هؤلاء العلماء على ذلك بوعد الله بعدم الكذب بشأن وعوده ونذر.
من ناحية أخرى، هناك رأيان مختلفان. الأول يقترح أنه بسبب تهديد الله لعقاب شديد لأي مؤمن يكفر بعد قبول المائدة، فقد تخوف البعض وانزعجوا بشدة. وبالتالي، لم يُنفذ الأمر مباشرة لتجنب العقوبة المتوقعة. أما الثاني فهو أن قبول الدعاء بانزال المائدة غير مكتمل لأنه كان مشروطا باستلامها، والتي يبدو أنها لم تحدث نتيجة للاستعفاف عنها.
ومع ذلك، يعتبر معظم الفقهاء المالكيّة والشّافعية والحنبليّة والحنفيّة، بما في ذلك علماء بارزون مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عاشور، أن المائدة قد نُزلت فعلاً طبقاً للأمر الرباني. ويؤكدون أيضاً أن عدم معرفة النصارى بالمادة الموجودة ضمن الكتاب المقدس ليس دليلاً قاطعاً، حيث يمكن لهذه المعلومات التاريخية المهمة أن تتغير أو تفقد عبر الزمن. ومن الجدير بالذكر هنا وجهة النظر التي طرحتها الفتاوى لكبار العلماء منها فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله، التي أكدت على كون نزول المائدة برهان واضح على مكانة الله العلية وقدرته وقوة إيمان أتباع عيسى عليه السلام.
