ينطلق هذا النقاش بحثًا عن إمكانية تصميم مجتمع يستند في قياسه للقيم وأولوياته على أساس صفات غير مادية مثل الإبداع والرحمة، بدلاً من التركيز الحصري على المعياريات القابلة للقياس. يؤكد باهي بن زيدان على صعوبة تطبيق هذا المفهوم، مشيرًا إلى أن المجتمع يحتاج إلى الابتناء على أساس قائم وملموس. في حين يرى مثلاً إلياس بن زيدان أن "الإبداع" و"الرحمة" يجب أن تُفهم كقيم روحية فقط، دون استخدامها كأساس في صنع المجتمع.

رؤى متنوعة حول الإبداع والرحمة

يتمثل التحدي في أن القيم مثل "الإبداع" و"الرحمة" لا تقاس بسهولة كما هو الحال مع المؤشرات المادية. يُبرز إلياس بن زيدان أن الأفضل من حيث البناء والتطور الاجتماعي هو الاستناد إلى القيم القابلة للقياس. في المقابل، يشير مثلاً باهي بن زيدان إلى أن تخصيص قيمة وقياس للإبداع والرحمة يفتح آفاق جديدة في كيفية تقييم الأفراد والجهود المجتمعية، مشيرًا إلى أن هذه الصفات يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في التطوير الإنساني.

الدافع نحو المعايير الجديدة

يُظهر مثلاً إلياس بن زيدان أن تبني هذه القيم يتطلب عملية من التربية والتوعية، حيث لا تحتاج صفات مثل "الإبداع" و"الرحمة" إلى قياس دقيق أو صارم. يؤكد على أن الأهم هو الوعي بقيمة هذه الصفات وتضمينها في المعايير التي نحترمها ونسعى لتطبيقها. كما يشير إلى أن التغيير لن يكون فوريًا، بل يُحتاج إلى بدء محلي صغير قبل الانتقال إلى تأثير عالمي.

رؤى وآفاق مستقبلية

يعزز مثلاً باهي بن زيدان أن التغيير الجذري يتطلب توسيع نطاق الرؤى المعروفة، حيث لا يكفي الإحالة إلى الصفات غير المادية كمزاخر روحية فقط، بل يجب أن تُعتبر جزءًا من نظام قياس مستدام وشامل. في هذا السياق، يؤكد على أهمية دمج التربية والتوعية لبناء بيئة اجتماعية تُحتفى بهذه الصفات وتضعها في مقام رفيع من الأولويات.

إن التركيز على "الإبداع" و"الرحمة" كمؤشرات اجتماعية يفتح آفاقًا جديدة للنظر في قياس النجاح المجتمعي، حيث يُنادى بضرورة تحول من نظام قائم على مؤشرات مادية فقط إلى نظام شامل يدمج جوانب الإنسان الروحية والعاطفية. هذا التحول يتطلب تغييرًا في المدارك وتطوير أنظمة قياس مستدامة لا تقدر فقط بقيمتها الزخرفية، بل تعمل كحجر اساسي في بناء مجتمع مزدهر ومتوازن.