• صاحب المنشور: وليد البركاني
  
  ملخص النقاش:
  مع تزايد اعتماد الشركات حول العالم للعمل عن بعد كاستراتيجية رئيسية في ظل جائحة كوفيد-19، أصبح من الضروري دراسة تأثيراته على مختلف جوانب الحياة المهنية للموظفين. يهدف هذا المقال إلى استكشاف تأثير العمل عن بعد على مستويات الإنتاجية والرضا الوظيفي، ومناقشة أهم التغيرات التي تشهدها بيئة العمل هذه الأيام.

زيادة الإنتاجية أم انخفاضها؟

على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن العمل من المنزل يؤدي غالبًا إلى الانشغال بأمور شخصية وإضاعة الوقت، إلا أنه ظهرت العديد من الدراسات التي تشير إلى العكس. وفقًا لتقرير صادر عن ستاتيستا عام 2021، أفاد أكثر من نصف المشاركين الذين يعملون عن بعد بتحسن إنتاجيتهم مقارنة بالأوقات التي كانوا يعملون فيها داخل المكتب التقليدي. يمكن تفسير ذلك جزئيًا بسبب تقليل وقت التنقل اليومي والتخلص من عوامل التشتيت البيئية مثل الاجتماعات غير الضرورية أو ضجيج زملاء العمل. علاوة على ذلك، وجدت دراسة نشرت في مجلة "Journal of Management" سنة 2020 أن الأشخاص الذين عملوا عن بعد لمدة طويلة لديهم شعور أكبر بالتحكم في جدول أعمال يومهم مما عزز معدل نجاحهم.

الرضا الوظيفي والعلاقات الاجتماعية

معروفٌ أيضًا أنه قد يأتي بخسائر اجتماعية عندما يتعلق الأمر بالعيش بعيداً عن مكان العمل الحقيقي؛ حيث يدعو بعض الخبراء لعدم وجود توازن مناسب بين الحياة الشخصية والحياة المهنية أثناء قضاء فترات طويلة أمام الشاشة دون مقابلات مباشرة مع الآخرين. ولكن هناك وجه آخر لهذا الجانب أيضاً! فقد وجد بحث نشرته الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم أن حوالي ثلثي موظفي الصحة النفسية المنتمين للعاملين عن بعد كانت لديهم مستويات أعلى بكثير من رضاهم المهني مقارنة بأولئك المقيمين خارج المنازل خلال فترة عملهم الرسمية. ويعزو البعض الفضل هنا لإزالة الرحلات الطويلة وأعباء الصيانة المرتبطة بالمكاتب المكتبية بالإضافة لقضاء المزيد من الوقت مع الأسرة والأصدقاء المقربين.

تحديات واستراتيجيات للتغلب عليها

لا يخلو نظام العمل الجديد هذا من المشكلات الخاصة به والتي تتطلب حلولاً مبتكرة ومتجددة. فمن ناحية انتشر مفهوم "التواصل الرقمي الزائد" والذي يشمل الرسائل الإلكترونية المتعددة المستمرة حتى خارج ساعات الدوام الرسمي مما يعرض الناس للإرهاق النفسي والتعرض لأخطار صحية محتملة بسبب الجلوس لساعات مطولة أمام شاشة الكمبيوتر المحمول. ومن ثمّ ضرورة وضع حدود واضحة للسلوك المرغوب فيه عبر القنوات المختلفة بما يحترم خصوصيتها ويعطي المجال للحصول علي قدرٍ أكبرٍ من الراحة والاسترخاء. كذلك فإن القدرة على التواصل بصريا أمر حيوي خاصة وأن العين البشرية قادرةٌ على فهم المشاعر المعبر عنها ولذلك ينصح باستخدام أدوات مؤتمر الفيديوهات عند عقد الاجتماعات المهمة وقد تفيد أيضا خاصية مشاركة الشاشة لعرض المعلومات المصورة بطريقة فعالة وبناء العلاقات الإنسانية رغم المسافات البينية الواسعة. وفي النهاية يبقى مساعد الرئيس المباشر له دور فعال للغاية سواء كان موجود ضمن نفس المكان الفيزيائي ام لم يكن وذلك بإعطائه الأولوية القصوى لحماية حقوقه المدنية والبقاء تحت مظلتها القانونية بحسب أحكام قانون العمل الخاص بكل بلد وعلى سبيل المثال يسمح القانون الفرنسي بمراجعة ملفاته وملفات عناوين بريده الالكتروني لغاية الوصول الى نتيجة منطقية وعادله تساند طرفا طرفيه متى طلب الامر ذلك .

يمكن لهذه السياسات الجديدة أن تساعد ليس فقط الأفراد بل المؤسسات نفسها لتحسين مستوى الكفاءة والإبداع لدى جميع الأعضاء بشرط احتوائها لعنصر مرونة عالية وقابليه للتكيف حسب الاحتياجات الذاتيه لكل شخص بدون تعرض أحداث جانبيه تضر بنظام المنافسة العلماني الذي يستند عليه النظام الاقتصادي العالمي منذ القديم حتي اللحظة التاريخيه الحالية والمستقبليه ايضا طالما بقيت تلك الأعراف المجتمعيه قائمة ولم تغير أشكال تعايش مجتمعات الشعوب المختلفه الظروف الخارجيه المؤقتة