إثم الإصرار على المعصية: فهم حدود الكفر والمعاصي

في بحث عميق حول طبيعة الكفر والمعاصي، يشرح الفقهاء مثل ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب الفرق الواضح بين أنواع الكفر المختلفة. بينما يعتبر "كفر الإ

في بحث عميق حول طبيعة الكفر والمعاصي، يشرح الفقهاء مثل ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب الفرق الواضح بين أنواع الكفر المختلفة. بينما يعتبر "كفر الإعراض"، حيث يعرض الشخص بقلبه وسمعه عن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم دون قبول أو رفض، شكلاً من أشكال الكفر لمنع دخوله للإسلام، يؤكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه عندما يطبق نفس النوع من التعصب تجاه تعليمات الدين نفسه، يمكن اعتبار ذلك نقيضا للإسلام.

وعلى الرغم من خطورة الإصرار على المعصية، وفقاً لأهل السنة والجماعة، فإن المصمم على المعصية يعد فاسقا وليس كافراً. وهذا يعني أنه حتى لو ظل شخص ما مصرا على ارتكاب الخطيئة لفترة طويلة، إلا أنه لن يتم تصنيفه ككاذب طالما أنه يعترف بشرعية وتحريم تلك الأفعال. وتتنوع حالات الاستحلال، حيث يوجد شكل واضح يسمى "استحلال الظاهر" عندما يعبر الفرد بشكل صريح عن شرعية الشيء المحرم، مما يؤدي بكفره خارجياً ودخلانياً. ثم هناك "استحلال الباطن"، وهو الاعتقاد السرّي بطبيعة الشيء المحرم بدون التعبير عنه علانية؛ هنا سيظل الفرد مسلماً ولكن سيكون كافراً أمام الله فقط بسبب مخازية معتقداته الخفية.

ومن الجدير بالملاحظة أن الإصرار المتواصل على عمل خاطئ قد يؤدي تدريجياً إلى تبليل القلب بمفهوم كون تلك الأعمال مباحة وغير مذمومة، الأمر الذي قد يقوض أساسيات العقيدة الإسلامية. لذلك، رغم عدم وجود دليل ثابت للاستحلال من خلال مجرد التفكير المستمر في ذنب معين، إلا أنها فرصة محفوفة بالمخاطر لتغيير موقف المرء نحو عدم الاحترام للمبادئ المقدسة للإسلام. ومن هذا المنطلق، ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن أي فرد يقوم بأعمال محرمة تفعلها تحت سطوة شهواته الشخصية عوضًا عن رضوان الله عز وجل.

وفي نهاية المطاف، تشدد الفتوى على ضرورة إدراك خطورة واستفحال تأثير الانغماس المطلق في أعمال محرمة، والتي ربما تؤثر في النهاية على ثبات وتكامل عقيدتك الأصلية. إنها دعوة للتوقف والتأمل قبل أن نشهد تبديل قلب متعود على رؤية الرذيلة كتغيير جذري في رؤيتنا للأمور الروحية والدينية.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات