تعتبر الحَوامِضِ النُّوْوِيَّهِ الرِّيْبُوزِيَّةُ الصَّغيرةُ، المعروفة باسم microRNAs (miRNAs)، لاعبين رئيسيين غير معروفين نسبياً في الإيقاع البيولوجي للخلية البشرية. هذه الجزيئات قصيرة ذات سلسلة واحدة تُلعب دوراً حاسماً في تنظيم عملية التعبير الجيني عن طريق التأثير على ترجمة و استقرار RNA الرسول. أدوار miRNAs المتعددة جعلتها تحت المجهر العلمي، مما قاد إلى اكتشافاتها البارزة فيما يتعلق بصحتنا ومرضنا.
أحد الخصائص الأكثر إثارة للإعجاب للميكروRNA هو تنوعها الهائل. وفقاً لأحدث الدراسات، يمكن أن تحتوي خلايا جسم الإنسان الواحد على آلاف الأنواع المختلفة من miRNAs، كل منها يعمل كتشغيل متغير للحساسيات والتفاعلات الخلوية المعقدة. بإمكان هذ الجزيئات التحكم في مجموعة واسعة من العمليات الفسيولوجية بما فيها الانقسام الخلوي، النمو العصبي، وتولد الأوعية الدموية.
على سبيل المثال، ثبت أن بعض miRNAs تلعب دورًا أساسيًا في مقاومة السرطان. عندما تتضرر خلية ما بالطفرة الجينية، قد يرتفع مستوى معين من miRNA الذي يحرض موتا الخليوية (موت الخلية). ولكن إذا فشلت هذه الآلية، فإن عدم الاستجابة المناسبة لهذا النوع الخاص من mIRNA يؤدي غالباً إلى تطور الورم. بالإضافة لذلك، تبين أنه بالإمكان استخدام مستويات miRNA كمؤشرات تشخيصية محتملة لأنواع مختلفة من السرطان بناءً على علامات محددة ترتبط بكل نوع سرطاني.
بالإضافة لتطبيقاتها المحتملة في مجال الطب الوقائي والعلاج، تمتلك ميكرو RNAs أيضاً تأثيرات كبيرة على فهمنا للأمراض العصبية التنكسية مثل مرض الزهايمر وباركنسون. هناك بحث قيد التقدم حالياً لفهم كيفية عمل هذه الشرائط القصيرة من الحمض النووي الريبي في تكوين وبقاء الأميلويد بيتا - بروتين مرتبط بشكل مباشر بمرض الزهايمر -.
في النهاية، تؤكد الاكتشافات الحديثة حول دور ميكروRNAS الدقيق والمختلف في كل جانب من جوانب الحياة الخلوية مدى التعقيد والدقة التي تعمل بها أجسامنا الطبيعية. إن المزيد من البحث حول هذه المناطق سيفتح أبوابا جديدة لعالمنا الطبي والطب الوقائي.