مع بداية القرن الثامن عشر، بدأت ما عُرفت لاحقا بـ "الثورة الصناعية"، وهي فترة تحول هائلة أثرت بشكل كبير على المسار التاريخي للأمم الأوروبية. هذه الفترة التي سادت بين عامي 1760 و1840 شهدت التحول التدريجي للاقتصاد البريطاني وبقية أوروبا من اقتصاد زراعي تقليدي إلى مجتمع صناعي حديث ومتقدم تكنولوجياً.
بدأت الثورة بشغل القطن الآلي للمستعمرات البريطانية ثم انتشرت بسرعة لتشمل مجموعة واسعة من المجالات بما فيها الحديد والفولاذ والنقل والاتصالات. أدخلت الآلات البخارية طاقة جديدة أعادت تشكيل الطبقة العاملة والعلاقات الاجتماعية بطرق لم يسبق لها مثيل.
إحدى العواقب الأكثر تأثيراً لهذه الفترة كانت زيادة كبيرة في الإنتاجية بسبب استخدام الطاقة الوقودية (مثل الفحم) وإدخال أساليب التصنيع المتسلسلة. هذا أدى إلى تبسيط العمليات الإدارية وتوزيع الأدوار داخل المصانع مما جعل العمل أكثر كفاءة بكثير من النظام اليدوي التقليدي.
بالإضافة لذلك، سهّل تطوير وسائل النقل مثل السكك الحديدية نقل المنتجات بمعدل أكبر وأسرع بكثير من أي وقت مضى. وقد عزز ذلك التجارة العالمية وساهم أيضاً في ظهور المدن الحديثة حول المواقع الصناعية الرئيسية.
بالرغم من كل المكاسب الاقتصادية والتكنولوجية الهائلة، فإن الجانب الآخر للعملة كان ظروف عمل قاسية جداً للأيدي العاملة الجديدة والتي غالبًا ما تكون الأطفال والشباب الذين يعملون لساعات طويلة تحت ظروف خطيرة وغير صحية أحياناً.
وفي النهاية، يمكن اعتبار الثورة الصناعية نقطة محورية في تاريخ البشرية، حيث شكلت أساس المجتمع الحديث وشكلت مستقبل العالم الذي نعيش فيه اليوم بكل اتساعه وقدرته ومعاناته أيضًا.