وفي الصباح أنفض غبار النوم وأخرج حاسر الرأس أشعثا، أحمل كيس نفاية الليل باليمين وبضعة أوراق غير منجزة باليد اليسرى، أتعثر في مجموعة أحذية تحاصر مدخل الشقة، فأضرب بعضها مترنحا، وأبعثر الأخريات، أطفأ الأنوار في طريقي، لخفض انبعاث الغازات على ظهر هذا الكوكب البائس! ولخفض فاتورة=

الطاقة! في طريقي لمركبتي أتعثر ثانية بالطريق المحفور حديثا، تحت حجة إنشاء ممر مشاة وأنسنة الحي الذي أقطنه، على حساب إنسانيتي المنسابة فوق الأتربة المعجونة ببقايا قيعان مطر عتيق، أبت أن تتبخر أو تتوارى في جوف الأرض! أمر بجانب مقهى كريه ومحل عصير لا أستطعمه، وخضرجي طيب يبيعني طماطم

فاسدة! أرمق سحنتي في مرآة المركبة قبل التحرك، وأغتصب ابتسامة ولدت ميتة أصلا، يهدني ألمي... فأنشد راحتي في بضع آيات من القرآن، وفي الطريق الذي يمتد لعشرات الكيلومترات، ينقض على مساري سفهاء نسور الدوج والشيفروليت، مرورا بغربان الإكسنت، وانتهاء بقطعان الفيلة من الشاحنات المتملصة=

في محطة من محطات الطريق، أقل بناتي وأقوم بتوزيعهن حسب مراحلهن الدراسية، تشتكي إحداهن من تسلط مخلوقة فضائية تلقب بمديرة مدرسة، تفتش الحقائب بحثا عما يطفش البنات من الدراسة والمدرسة والأمل، مع صرخات عنيفة تنبثق من قعر مشكلاتها الزوجية، وعقد النقص المركبة #&@*"¶§®©¥€¿!^<>، الرموز =

تعني جملة شتائم باللغة الهيغروليفية، بعد إتمام عملية التوزيع، تضج الحياة بمختلف المركبات، وتضيق شرايين الطرق، وتصل لمقر العمل وقد أنهكت تماما، وفترت عزيمتك.

ما زلت أعتقد بأن المدن الكبيرة، تتغذى علينا لتنمو أكثر، إذ لو فتت الإسمنت وعصرت الإسفلت، لوجدته معجونا بالدم واللحم!