النقاش حول مدى دور الإرادة السياسية في تحقيق الاستقلال الاقتصادي اكتسب أهمية كبرى بين المثقفين والمجتمعات المختلفة. يتضمن هذا النقاش مجموعة من الآراء التي تدور حول إمكانية تحقيق الاستقلال الاقتصادي من خلال فقط الإرادة السياسية أو إذا كان هناك حاجة لبناء أسس اقتصادية قوية تدعمها.

1. الإرادة السياسية: وهم أم حقيقة؟

عهد الهضيبي يُعارض فكرة أن الإرادة السياسية تمثل عائقًا لتحقيق الاستقلال الاقتصادي، مشيرًا إلى أن بحث المبررات في حالات خاصة قد يؤدي إلى التأخر عن توفير أساس قوي وملموس. يذكِّر الهضيبي أن الأمثلة التاريخية التي نجحت في الاستقلال الاقتصادي رغم ظروف صعبة هي استثناءات لا يمكن اعتبارها قوانين عامة. ويؤكد على أهمية بناء مؤسسات قوية وسياسات تضمن الاستقلال الاقتصادي دون الاعتماد فقط على "الفضول" أو "الإرادة السياسية".

2. دور المثال الخارجي والحكم الذاتي

حنين الحمامي يشير إلى نقاط عهد الهضيبي، مؤكدًا أن تلك الأمثلة التاريخية هي حالات استثنائية ولا يمكن اتخاذها كقوانين عامة. يرى الحمامي أن مسعى بناء مؤسسات قوية يجب أن يأتي دون الاعتماد على "الفضول" أو "الإرادة السياسية". ويرى أن هذه المصطلحات قد تُستخدم كوسيلة لإخفاء نقص في الحلول الاقتصادية الجادة.

3. التركيز على الأسس الاقتصادية

إبراهيم ابن خالد يوافق مع عهد الهضيبي، حيث يرى أن إخفاء عجز الآراء بـ"الإرادة" قد لا يكفي دون وجود استراتيجية اقتصادية محددة. ويركِّز ابن خالد على أهمية بناء سياسات اقتصادية مستدامة تعتمد على شعور جماعي قوي بالمسؤولية والأخلاق العامة. يشير إلى أن التركيز فقط على "الإرادة" قد لا يكفي في ظل نقص شبكة دعم اجتماعية واقتصادية متكاملة.

4. الديموغرافيا كعنصر حاسم

زكريا السوداني يضيف إلى المناقشة بأن التحديات الديموغرافية تلعب دورًا مهمًا في تحقيق الاستقلال الاقتصادي. يذكِّر السوداني أن المشكلات التي تُفاق عن قدرة حلها "الإرادة" وحدها، بما في ذلك ارتفاع معدل البطالة وارتفاع نسبة الشباب. يعتبر أن تحقيق الاستقلال الاقتصادي يتطلب برامج شاملة لاحتضان هذه التحديات الديموغرافية.

5. دور المؤسسات والنظم

فتحي بدوي يصف أن مجرد اعتماد الإرادة السياسية لا يكفي في ظل نقص المؤسسات والنظم المستقرة. يشير إلى أهمية بناء دولة تعتمد على مبادئ قوية وأطر عمل فعَّالة لضمان استقرار الاقتصاد، مذكِّرًا أن المثال التونسي يعكس حاجة إلى نظام شامل لدعم الإرادة السياسية.

6. تأثير الحقول البشرية

أحمد بن يونس يتطرق إلى التحديات المتعلقة بالصحة والتعليم كعوامل أساسية للاستقلال الاقتصادي. يشير إلى أن نقص الخدمات الأساسية في هذه المجالات قد يكون عائقًا أكبر من غياب "الإرادة"، مؤكدًا أن بناء دولة قوية يتطلب العمل على تحسين هذه المجالات.

خلاصة

يظهر من خلال هذه الآراء أن الإرادة السياسية ليست كافية بحد ذاتها لتحقيق الاستقلال الاقتصادي. بل يجب أن تكون مدعومة بأسس اقتصادية قوية، ومؤسسات مستقرة، وبرامج ديموغرافية شاملة للحد من التحديات المختلفة. إن تحقيق الاستقلال الاقتصادي يتطلب نهجًا متعدد الأوجه، يركز على بناء هيكل شامل ومتكامل.