- صاحب المنشور: فلة الطاهري
ملخص النقاش:
نظراً للترابط الوثيق بين التطور التكنولوجي والتغيرات الثقافية والاجتماعية، أصبح من الضروري النظر إلى الآثار التي تتركها التقنيات الحديثة مثل الإنترنت، وسائل التواصل الاجتماعي، والأجهزة الذكية على قيم مجتمعنا. يهدف هذا المقال إلى استكشاف هذه العلاقة مع التركيز تحديداً على المجتمع السعودي كدراسة حالة.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية والقيم الدينية
أصبحت المنصات الرقمية جزءاً أساسياً من حياة الكثيرين حول العالم بما في ذلك المملكة العربية السعودية، حيث يمكن استخدامها لتعزيز روابط الأسرة وتعزيز الاتصال الشخصي. ولكن هناك وجه آخر لهذه العملة؛ فقد أدى الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي إلى تغيير جذري في كيفية تفاعل الأفراد داخل نفس العائلة. قد يؤدي الانشغال بتلك الوسائط إلى تقليل الوقت الذي يقضيه أفراد الأسرة مع بعضهم البعض، مما يضعف الروابط الأسرية التقليدية ويؤثر سلبًا على القيم الدينية المرتبطة بالإيثار والعطاء غير المشروط ضمن نطاق العائلة.
تحديات الهوية الشخصية في عصر الإعلام العالميّ
في ظل عالم مفتوح رقمياً، يبدو الأمر وكأن كل فرد يتعرض لعشرات الثقافات المختلفة عبر شبكة الإنترنت وخلافه. وهذا يشكل تحديًا كبيرًا للهويات الفردية والجماعية أيضاً. فبينما تساهم المعلومات المتاحة بكثافة في تعزيز الوعي والمعرفة العامة لدى المستخدمين، إلا أنها في المقابل تستنزف هويتهم المحلية وتقلل من خصوصيتها مقارنة بالأجيال السابقة. وعلى الرغم من أهمية تبادل التجارب الحياتية والثقافية المختلفة، يبقى حفظ وصيانة هويتنا الثقافية والدينية مسؤولية جماعية تتطلب اليقظة والحذر عند التعامل مع المحتوى الرقمي الواسع الانتشار.
دور التعليم في مواجهة التأثيرات السلبية للتقنية
لعبت المؤسسات التعليمية دوراً محوريا منذ القدم في تشكيل عقليات الجيل الجديد ومنحه الأدوات اللازمة لمواجهة مختلف تحديات عصره. وفي ضوء ظهور تقنيات جديدة ومستقبل أكثر رقمنة، يجب توسيع نطاق المناهج الأكاديمية لتشمل جوانب معرفية وفكرية تدعم فهم واستخدام التقانة بطريقة صحية وإيجابية تضمن عدم انحرافها نحو المسارات المخلة بالقيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة. كما ينبغي التركيز على تعليم الأطفال والشباب مهارات البحث الناقد والنظر النقدي للمحتوى المعروض عليهم افتراضيّا وبالتالي قدرتهم على تمييز الحقائق والخرافات والبقاء متمسكين بالحقائق العلمية والمرتكزات الأخلاقية الراسخة.
بناء سياسات حماية مستدامة للأطفال والمراهقين
بالنظر إلى تزايد اعتماد الشباب العربي على الشبكات الإلكترونية لأغراض الترفيه والإعلام وغيرهما، تصبح مسألة تنظيم الوصول إليه أمر حيوي للغاية لمنع تعرضهم لمخاطر محتملة مثل المواد النمطية أو العنيفة أو تلك المهينة للإسلام وأخلاقه الحميدة. لذلك فإن وضع قوانين ولوائح تحكم حرية التجول الحر عبر الإنترنت بالنسبة لفئات عمرية محددة يعد خطوة ضرورية لحماية سلامتهم النفسية والفكرية أثناء عملية التنقيب المعرفي المستمرة والتي تتم غالبًا بوساطة شاشات الكمبيوتر ولوحات المفاتيح الصغيرة اليوم! ويتعين أيضا تطوير آليات مراقبة فعالة تعمل جنبا إلى جنب مع حملات توعوية واسعة النطاق بهدف زيادة مستوى وعينا جميعا بمخ