- صاحب المنشور: علوان العامري
ملخص النقاش:
في العصر الحديث، شهدنا تحولاً عميقاً في كيفية تشكيل وجهات النظر العامة. لم تعد المعلومات تُضخ عبر القنوات التقليدية مثل التلفزيون والإذاعة والصحف فحسب؛ بل ازدادت أهمية وسائل التواصل الاجتماعي كأدوات رئيسية لتشكيل الآراء والسلوكيات الجماعية. هذا التحول يُثير تساؤلات مهمة حول تأثير هذه المنصات الجديدة على عملية اتخاذ القرار لدى الجمهور، وكيف يمكن لهذه التأثيرات أن تؤثر بدورها على المجتمع والثقافة السياسية.
وسائل الإعلام الاجتماعية، التي تضم مواقع شبكات اجتماعية متنوعة مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتيوب وغيرها، توفر مساحة فريدة للمشاركة الفورية والتفاعل المتبادل بين الأفراد والمجموعات. إنها تسمح بالتواصل الواسع والفعال بغض النظر عن الموقع أو الزمان، مما يجعل من السهل انتشار الأخبار والأفكار والقضايا بسرعة وبشكل كبير.
الأبعاد الرئيسية لتحولات الرأي العام
1 - التركيز على القصص الشخصية
على عكس الوسائط التقليدية التي غالبا ما تركز على الحقائق الباردة والحكايات الإخبارية الرسمية، فإن منصات التواصل الاجتماعي تعطي الأولوية للقصص الشخصية والعواطف والعلاقات الدافئة. وهذا يتيح للقضايا الإنسانية والشخصية تحقيق مستوى أكبر من التعاطف والاهتمام العام مقارنة بالمسائل المجردة والمعقدة. لكن الأمر قد يؤدي أيضاً إلى التشويش عندما يتم الخلط بين الوقائع الموضوعية وقيمة العاطفة الشخصية.
2 - الثورة المعرفية
يُحدث الإنترنت ثورة معرفية هائلة حيث أصبح الوصول للمعلومات أكثر سهولة وأسرع بكثير من أي وقت مضى. ولكن مع ذلك يأتي تحدٍ جديد وهو تحديد موثوقية تلك المعلومات وفهم مدى دققتها وتاريخيتها. إن القدرة غير المسبوقة للتلاعب بالأحداث وانتشار الشائعات والكذب الإلكتروني تستدعي الحاجة لمعايير واضحة وموثوقة للتحقق من الصحة.
3 - تغير طبيعة الحوار العام
لقد غيرت الشبكة العنكبوتية الطريقة المعتادة للحوار العام بطرق ملحوظة. فقد انتقل الناس من كونهم مجرد مستمعين سلبيين للأخبار إلى مشاركين فعّالين فيها وفي المناظرات السياسية أيضًا. ومع ذلك، نشأت مشاكل جديدة تتعلق بروحانيّة بعض نقاشات المستخدمين الذين ربما يشعرون بحماية مجهولة المصدر تحت طبقات زائلة لإمكانيات الخصوصية الافتراضية مما يساهم بتفاقم الخطاب السلبي واحتمالات الانقسام السياسي والاجتماعي.
التداعيات والاستنتاجات المحتملة
من المهم فهم وتحليل تأثير وسائل الاعلام الحديثة لاستخداماتها الأمثل واستعداد الحكومات والجهات ذات الاختصاص لدعم جهود مكافحة المعلومات الكاذبة وتوفير بيئة مناسبة لحوار عام بنّاء وغني بالإيجابيات الثقافية والفكرية بينما يحافظ عليها بعيدا عن الاستغلال السياساتي السلبي والخروج بنتائج بناءة ترقى بمستوى حوار مجتمعاتنا المحلية والدولية نحو آفاق أفضل وأكثر نظاما وصلاحا وسلاما.