• صاحب المنشور: بلقيس الجوهري
  
  ملخص النقاش:
  تُحدث الثورة التكنولوجية الحالية، وخاصة تطورات الذكاء الاصطناعي (AI)، تحولات عميقة في سوق العمل العالمي. هذه التحولات قد تشكل تهديدًا كبيرًا لبعض الوظائف التقليدية بينما توفر فرصاً جديدة للوظائف التي تعتمد على المهارات المتقدمة مثل البرمجة والتعلم الآلي وتحليل البيانات الضخمة.

من ناحية، يبدو أن العديد من العمليات الروتينية والميكانيكية يمكن أتمتها بواسطة الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى فقدان عدد كبير من الوظائف التي كانت تحتلها البشر سابقًا. هذا ليس مجرد قلق عابر؛ فبحسب دراسة أجرتها شركة McKinsey & Company، فإن حوالي 49% من الأعمال اليوم يمكن أتمتها بأشكال مختلفة باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وظائف مثل الكاتب المساعد الإداري، القائم بإدخال البيانات، حتى بعض مهن الطباعة والنشر، كلها عرضة لنقص الطلب عليها بسبب زيادة الكفاءة والأتمتة.

على الجانب الآخر، يفتح الذكاء الاصطناعي أيضًا أبواباً أمام نوع جديد كلياً من الوظائف. فهناك حاجة متزايدة للمبرمجين ورواد أعمال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى خبيرات ومختصين قادرين على تصميم وتدريب نماذج التعلم العميق. كما يتطلب التطبيق الواسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي خبراء بشؤون الأخلاق والتوجيه القانوني، من أجل وضع سياسات وأطر تنظيمية تضمن الاستخدام المستدام لهذه التقنية.

التحول نحو الاقتصاد الرقمي الذي يقوده الذكاء الاصطناعي يستدعي استجابة استراتيجية من الأفراد والحكومات والشركات. يجب على الحكومات توفير التعليم والتدريب اللازم لمواجهة هذه الظروف الجديدة. أما الشركات، فهي مطالبة بتقديم دعم أكبر لفريق عملها لإعادة تدريبهم أو إعادة تعيينهم. بالنسبة للأفراد، فإن تعلم كيفية العمل جنبا إلى جنب مع تقنيات الذكاء الاصطناعي - وليس محاولة المنافسة ضدها مباشرة - هو مفتاح البقاء والازدهار في عالم الأعمال الحديث.

في الختام، رغم المخاطر المحتملة، تحمل ثورة الذكاء الاصطناعي في طياتها أيضاً فرصا هائلة لتحسين كفاءتنا والإنتاجية وإطلاق العنان للإبداع البشري بطرق لم نكن نتوقعها يومًا. ولكن تحقيق الفوائد القصوى لهذا التحول يتطلب الجهود المشتركة والاستعداد للاستثمار في المهارات والتعليم الجديد.