• صاحب المنشور: غدير بن زروال
  
  ملخص النقاش:
  

  في العصر الحالي الذي يشهده التحول الرقمي الكبير، تواجه العديد من البلدان حول العالم تحدياً جديداً على مستوى سوق العمل. هذا التحدي يأتي مع الفرصة الكبيرة التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة - وهو التغير الدراماتيكي في الطريقة التي نعمل بها وكيف يتم خلق القيمة الاقتصادية.

من ناحية، أدى ظهور التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة إلى زيادة الحاجة للأعمال المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والأدوار الوظيفية ذات المهارات الفنية المرتفعة. ولكن من الجانب الآخر، هناك قلق متزايد بشأن فقدان فرص العمل بسبب الأتمتة والإزاحة المحتملة للعمالة البشرية. وهذا يتطلب إعادة النظر بشكل جاد في كيفية تصميم سياسات التعليم والتدريب وبرامج التشغيل لتناسب احتياجات السوق المتغيرة بسرعة.

التغيرات في طلب سوق العمل

وفقًا لدراسة حديثة أجرتها مؤسسة "ماكينزي"، فإن حوالي 43% من المهن الحالية يمكن أن تشهد تغييراً كبيراً في طريقة عملها نتيجة للتطور التكنولوجي. بينما قد تقلل بعض الأدوات الآلية من حجم العمالة اللازمة لبعض المهام الروتينية، إلا أنها ستولد أيضًا وظائف جديدة تتطلب مهارات غير تقليدية.

على سبيل المثال، البرمجة اللغوية العصبية (NLP)، تحليل البيانات العملاقة, الأمن السيبراني وغيرها من المجالات الناشئة تحتاج إلى مواهب خاصة لم تكن موجودة قبل سنوات قليلة مضت. بالإضافة لذلك، هناك حاجة مستمرة للمهنيين الذين يستطيعون الاستفادة من هذه التقنيات لتحسين المنتجات والخدمات الموجودة حاليًا مما يؤدي لإعادة تعريف دور الكثير من الأدوار التقليدية داخل المنظمات المختلفة.

تأثير الأزمات العالمية والعوامل المحلية

كما يعكس الوضع العالمي تأثيره الواضح على اتجاهات توظيف الاقتصاد الرقمي. فالأزمة الصحية الأخيرة مثلاً أثرت بشدة على العديد من القطاعات وأعادت ترتيب الأولويات فيما يتعلق بالمهارات المرغوبة والمستقبلية للسوق العاملة. وعلى المستوى المحلي، تلعب الحكومة دوراً أساسياً عبر تقديم دعم خاص للشركات الصغيرة، تعزيز التدريب المهني وتوفير البنية الأساسية الحديثة والتي تدفع نحو التحول نحو اقتصاد رقمي أكثر ديناميكية واستدامة.

وفي النهاية، رغم وجود مخاطر كبيرة مرتبطة بالتغيير الجذري في شكل العمل ومكانته الاجتماعية بكافة جوانبه، لكن يبقى هناك أيضاً احتمالات هائلة للاستفادة منها بطرق مبتكرة تساهم في بناء مجتمع أكثر مرونة وقدرة على المنافسة عالمياً ضمن عصر المعرفة الرقمية الجديد.