أنا آنسة فى الستين عشت حياتى الطويلة المريرة كالكوبرى الممدود عبر ثلاثة أجيال لم أعرف الحب و لا الزواج
فى العاشرة كنت أحمل أخى الطفل و أغنى له و فى الثلاثين كان الطفل قد كبر و تزوج فحملت أطفاله و الآن و قد كبر أطفال الأطفال و تزوجوا .. https://t.co/nCnc9vpkQc
و بدأت أستقبل على صدرى الهضيم الضامر أبناءهم لأعبر بهم السنين الباقية من حياتى .
أنت لا تعرف معنى أن تعيش على الشاطئ و تقضى فى الحرمان 60 عاماً و أنت عطشان
لا يمكن أن تعرف هذا لأنك لم تجربه فأنت رجل .
و فى صباى كانوا يقولون إن الرجال خُلِقوا للشارع و المدرسة ، و النساء خُلِقنَ للمطابخ .
و كان أبى المتوسط الحال يحلم بتريبة أولاده فى الجامعة ، وكان ثمن هذا الحلم بعد أن ماتت أمى أن أظل فى البيت لا أبرحه أطبخ و أغسل و أمسح البلاط
لأوفر ثمن خادمة وطاهية و غسالة
و أعاون أبى على تحقيق حلمه الكبير .
كنت الثمن الذى دفعه جيلنا من لحمه و دمه لتدخلوا الجامعة و تتعلموا و تقولوا للعالم نحن الرجال .
و قد كنت سعيدة بهذه التضحية .
كنت أماً عذراء لأجيال ثلاثة تربوا على صدرى .
لكنى الأن و قد تغيرَت من حولى الدنيا
أحس أنى غريبة فى عالم غريب
عالم ملئ بالثرثرة و الغرور و الحب و الإلحاد و الثورة .
بناتى و صبيانى الذين ربيتهم و منحتهم شبابى و عمرى ينظرون إلىَّ كأنهم ينظرون إلى تحفة أو أنتيكة ، و يسخرون منى لأنى لا أفهم الوجودية و السياسة و الحب و يضحكون علىّ .
لقد انتهت دولتى و مطبخى الصغير إحتله الطاهى