- صاحب المنشور: سعدية الزياني
ملخص النقاش:
مع تطور التكنولوجيا بسرعة فائقة، أصبح من الواضح التأثير الكبير الذي يحدثه هذا التحول على العلاقات الاجتماعية، خاصة تلك التي تربط الأجيال المختلفة. يمكننا تقسيم هذه الآثار إلى جانبين رئيسيين هما "الفجوة الرقمية" و"التعاون الافتراضي".
الفجوة الرقمية: تحديات الاتصال والتواصل
الفجوة الرقمية تشير إلى العزلة المتزايدة بين كبار السن والشباب جرّاء اختلاف المهارات والمعرفة التقنية. قد يجد جيل الطفرة السكانية وصغار المعمرين صعوبة في التعامل مع التطبيقات الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو خدمات الدفع الإلكتروني، مما يؤدي إلى انقطاع جزئي في التواصل الأسري والمجتمعي. بالإضافة لذلك، فإن قلة خبرتهم بالأمور التكنولوجية ربما تعوق قدرتهم على الوصول للمعلومات والاستفادة منها بطريقة فعالة.
على سبيل المثال، عند محاولة استخدام خدمة البريد الإلكتروني، قد يشعر البعض بالارتباك بسبب الاختلافات الجذرية في واجهات المستخدم وتدفق المعلومات مقارنة ببرامج الرسائل التقليدية القديمة. وهذا الشعور بالإرباك غالبًا ما يقودهم نحو تجنب الاستخدام الكلي لهذه الأدوات الجديدة تماماً، الأمر الذي يمكن أن ينتج عنه عزلة اجتماعية متزايدة وتوقف عن تبادل الأفكار والأخبار.
كما تساهم طبيعة الوسائط الرقمية المتحركة والسريعة بالحفاظ على الشرخ المعرفي أكثر فأكثر؛ إذ يميل الشباب لاستخدام المنصات عبر الإنترنت بطرق غير رسمية ومختصرة، بينما يفضّل كبار السن عادة أشكال تواصلهم الرسمية والتقليدية مثل المحادثات الهاتفية واللقاءات الشخصية. إن عدم وجود لغة أو نموذج مشترك للتواصل يعيق قدرتنا على بناء جسور تفاهم حقيقية بين مختلف الفئات العمرية.
التعاون الافتراضي: فرص جديدة للتعلم والبناء المشترك
وعلى الجانب الآخر، توفر لنا التكنولوجيا أيضًا العديد من الفرص المثيرة لإعادة تعريف كيفية عمل الناس معا عبر الحدود المكانية والجغرافية. يعد العمل التعاوني الافتراضي أحد أهم هذه الأمثلة حيث يستطيع أفراد مختلف الأعمار التعاون بصورة مباشرة وفورية بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية.
تتيح شبكات الانترنت أدوات مبتكرة لمشاركة الملفات والحوار الرقمي والتي تسمح بتبادل الخبرات والمعارف بوتيرة أكبر بكثير مما كان ممكنا سابقا. وهي بذلك تساعد في خلق بيئة مثالية لتمرير المعرفة الحرفية والإبداعية عبر الأجيال.
على سبيل المثال، تستعمل منصة مثل Zoom الآن باستمرار لأجل عقد المؤتمرات التعليمية سواء داخل المؤسسات الأكاديمية أم خارجها. وهناك أيضا تطبيقات أخرى تمكن المسنين منهم من تعلم مهارات رقمية جديدة وبالتالي تحسين مستويات مشاركتهم الاجتماعية واستقلالهم الذاتي.
إن الجمع بين قوة الشبكة العنكبوتية وقدرتها على وصل الأشخاص بمختلف خلفياتهم الثقافية والعمرية قد فتح الباب أمام عالم جديد من التجارب المجتمعية العالمية. لكن يبقى التحدي الرئيس يكمن في جعل الجميع قادرين على استيعاب وإدارة هذه التغيرات التقنية المتسارعة حتى يتم تحقيق رؤيتنا النهائية لـ "مجتمع شامل رقمي".
--- End of Output ---