- صاحب المنشور: رضا الجوهري
ملخص النقاش:
التقدم التكنولوجي الذي شهدته البشرية خلال العقود الأخيرة كان له تأثير عميق ومتنوع على سوق العمل. هذا التأثير يمكن ملاحظته في جوانب عدة تتراوح بين خلق فرص عمل جديدة وتغيير طبيعة الأعمال التقليدية إلى زوال بعض الأدوار الوظيفية تمامًا. يهدف هذا المقال إلى استكشاف هذه الأوجه المتعددة للتأثير التكنولوجي على الوظائف وكيف قد تشكل مستقبل العمل.
الخلق والزوال
تُعتبر الثورة الصناعية الرابعة، والتي يتميز بها استخدام الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وغيرها من التقنيات المتقدمة، مصدرًا رئيسيًا لهذا التحول. يُقدر البعض أن حوالي 85% من وظائف اليوم لن تكون موجودة بنفس الشكل بحلول العام 2030 بسبب الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستطيع القيام بمهام معينة بكفاءة أكبر وبسرعة أكبر. لكن نفس التقنيات تولد أيضا أنواعًا جديدة من الوظائف غير الموجودة حاليا. وفقا لدراسة أجرتها شركة "ماكينزي"، فإن العالم سيحتاج إلى أكثر من 1 مليار شخص للعمل في مجالات ذات علاقة بالتكنولوجيا الرقمية بحلول عام 2030.
التعليم والتدريب المهني
مع تغير طبيعة الوظائف، أصبح من الواضح الحاجة الملحة لإعادة النظر في نظام التعليم والتدريب المهني الحالي. يجب التركيز أكثر على مهارات مثل حل المشكلات واتخاذ القرار والإبداع - وهي تلك المهارات التي يصعب أن يحل محلها الروبوت أو برنامج الكمبيوتر. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة متزايدة لأعداد كبيرة من العاملين ذوي المعرفة الفنية العميقة الذين يستطيعون التعامل مع تقنيات مثل البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والأمن الإلكتروني. العديد من المؤسسات التعليمية بدأت بالفعل في تعديل مناهجها لتلبية هذه الاحتياجات المتغيرة، ولكن الأمر يتطلب جهداً مشتركاً بين القطاعات الأكاديمية والصناعة لضمان توفير تعليم مناسب.
العدالة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية
وبينما تعمل التكنولوجيا على تغيير الطريقة التي نعمل بها، فإنه ينبغي علينا أيضاً أن نتساءل حول كيفية ضمان الاستفادة منها بطرق عادلة ومستدامة اقتصادياً. بينما تصبح بعض الصناعات مستقرة باستخدام الآلات الآلية، فقد يشعر الآخرون بالقلق بشأن فرص العمل الخاصة بهم. لذلك، هناك نقاش حاد حول السياسات اللازمة لتحقيق انتقال عادل لسوق العمل حيث تتم إعادة تأهيل الأشخاص الذين يفقدون أعمالهم بسبب التAutomatisation أو robotization ويصبحوا مستعدين لممارسة المزيد من الوظائف الجديدة التي تحتاج معرفة تكنولوجية عالية. كما يلزم وضع سياسات تحافظ على الاستقرار الاقتصادي وتحيد المخاطر المرتبطة بتلك التحولات الهائلة كرفع الحد الأدنى للأجور وإيجاد شبكات دعم اجتماعي مناسبة للمتعثرين اقتصادياً نتيجة لهذه التحولات الجذرية.
في النهاية، يبدو واضحاً أن التكنولوجيا لها دور هام وفعال في تحديد شكل عالم العمل مستقبلا. ومن المهم أن نفهم جيداً كلتا وجهتي الصورة البيضاء والسوداء لهذه الظاهرة حتى نتمكن من اتخاذ قرارات مدروسة تساعد مجتمعنا العالمي ليخرج أقوى وأكثر مرونة مما هو عليه الآن.