يقول الغزالي في أصناف البشر:
هناك ثلاثة أصناف من البشر على حد ما وصل إليه بعد تأمل وهم على حد وصفه:
عوام : وهم أهل السلامة البُله، أي العامة على فطرتهم
خواص : وهم أهل الذكاء والبصيرة
و يتولد بينهم طائفة هم ( أهل الجدل)
أما الخواص فإني أعالجهم بأن أعلمهم الموازين القسط وكيفية الوزن بها فيرتفع الخِلاف بينهم على قرب وهؤلاء قوم اجتمع فيهم ثلاث خِصال؛ القريحة النافذة والفطنة القوية وهذه عطية فطرية وغريزة جبلية لايمكن كسبها.
الثانية خلو باطنهم من تقليدٍ وتعصبٍ موروثٍ مسموع فإن المقلد لا يصغى
والبليد وإن أصغى فلا يفهم
الثالثة أن يعتقد في أني من أهل البصيرة بالميزان ومن لم يؤمن بأنك من أهل الحساب لا يمكنه أن يتعلم منك
وأما البُله فهم جميع العوام وهم الذين ليس لهم فطنة لفهم الحقائق فأدعو هؤلاء إلى الله بالموعظة كما أدعو أهل البصيرة بالحكمة وأدعو أهل الشغب بالمجادلة
وقد جمع الله سبحانه هذه الثلاثة في آية واحدة حيث قال "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ" فعلّم أن المدعو إلى الله بالحكمة قوم، وبالموعظة قوم وبالمجادلة قوم.
فإن الحكمة إن غُذّي بها أهل الموعظة أضرّت بهم كما يضر بالطِفل الرضيع التغذية بلحم الطير، وإن المجادلة إن استعملت مع أهل الحكمة اشمأزوا منها كما يشمئز طبع الرجل القوي من الارتضاع بلبن الآدمي، وان من استعمل الجدال مع أهل الجدال لا بالطريق الأحسن