من العبارات الكابوسية التي تصف حال من ظن انه بترك الإيمان بالله سيتحرر من كل الالتزامات التي تعيق ملذات حياته كانت للملحد لورين ازلي حين قال :الإنسان هو ذلك اليتيم الكوني. ذلك أنه الكائن الوحيد في هذا الكون الذي يتساءل دومًا: "لماذا؟
وإن كان الحيوان يسترشد بغريزته، فالإنسان يطرح الأسئلة، "من أنا؟"، "لماذا أنا هنا؟" "وإلى أين المصير
منذ عصر التنوير، حيث ظن بعض الاناس انهم تحرروا من قيود الدين،حاولوا أن يجيبوا عن هذه الأسئلة دون الرجوع لله.
ولكن لم تأتِ الرياح بما تشتهيه السفن،
ذلك أن الإجابات التي حصل عليها زادته حيرة فوق حيرته، وعوضًا عن أن تنير عقله زادته ظلمة ورعبًا. "ما أنت إلا شيء عارض ثانوي حدث في الطبيعة، ما أنت إلا نتاج مادة وزمن وصدفة ليس إلا. ولا مبرر لوجودك. أما مصيرك فهو الموت المحتوم والعدمية المعتمة
لا رجاءٍ في الخلود، فحياة الإنسان لن تذهب إلى أبعد من القبر. ولن تكون حياته برمّتها إلا ومضة في ظلمة حالكة، بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل، ولا يعود يظهر ثانية
لذلك، وكما يقول "بول تيليش على الإنسان أن يواجه بنفسه بما يمكن أن نطلق عليه "تهديد اللاوجود". لأنه وإن كنت أعرف أنني موجودٌ،
"أنني حيّ،" إلا أنني أعرف أيضًا أنه يوما ما لن أكون موجودٌ، سوف أكون في عداد الموتى. ويالها من فكرة تبعث على الدهشة وتحمل تهديدًا: فكرة أن الشخص الذي أدعوه "أنا"، ذات يوم لن يكون موجودٌ! أن الموت المحتوم وتهديد "اللاوجود" يمثلان هلعًا ورعبًا للإنسان.