في الآية الكريمة "إنّه لا ييأس من روح الله إلّا القوم الكافرون" (يوسف: 87)، يُشير الله تعالى إلى أن اليأس والقنوط من رحمته هي صفة للقوم الكافرين. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني تلقائيًا تحول الشخص الذي يشعر باليأس إلى كافر. فالاستسلام لقنوط الرحمة يمكن أن يكون مصدراً لكفر، ولكنه أيضاً يمكن أن يكون جريمة خطيرة للغاية ولكنها ليست كفرًا.
الحكم الشرعي هنا مرتبط بتعميق ظلال المعنى والكثافة الروحية للموقف. إذا أدى اليأس إلى إنكار وجود الأمل في عفوه وربوه، وهذا ما يدفع المرء للتشكيك في سخاء رحمة الله العظيم وكرم فضله، عندها يصبح هذا النوع من اليأس مصدرًا للكفر. وذلك لأنه يعبر عن تجاوز حدود التسليم والتأليه التي أكدت عليها النصوص الدينية بشكل قطعي.
بالنسبة للحالات الأخرى مثل الاستعانة بذنب كبير أو التشاؤم بشأن النعم المستقبلية كالرزق والأطفال، حتى وإن رافق تلك الأحوال شعور باليأس، فلا يعد هذا كفرًا. ببساطة، يعتبر اليأس في تلك السياقات ذنبًا مستحقًا للعقاب الثقيل بناءً على الأدلة المتنوعة الموجودة في القرآن الكريم. وبالتالي، رغم شدة الذنب وعدم قبوله اجتماعياً، يبقى ضمن نطاق الخطايا وليس خارج الدين نفسه.
وفي النهاية، يجب التنبيه إلى أن فهم متعمق لهذه المسائل غالبًا ما يستوجب استشارة علماء دين مؤهلين بسبب الطبيعة الدقيقة والمعقدة للتعامل مع تصنيفات الخروج من الدين والخروج منه فقط. نسأل الله الهداية والثبات لكل مسلم.