في عالمنا المعاصر، يواجه البشر تحديات متعددة تتعلق بالنظام الغذائي والبقاء المستدام بيئيًا. إن فهم كيفية تأثير خياراتنا الغذائية على كوكبنا أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة الأرض وحمايتها للأجيال القادمة. وهذا التقرير سيستعرض بشكل شامل العلاقة الديناميكية بين تغذية الإنسان وتأثيراتها البيئية، مع التركيز على جوانب مختلفة مثل استخدام الأراضي وموارد المياه والانبعاثات الغازية الدفيئة والإنتاج الزراعي المستدام.
تغذية الإنسان والتأثير على استخدام الأراضي:
تلعب خيارات النظام الغذائي دوراً أساسياً في تحديد الطلب العالمي على المنتجات الزراعية وشبكات الإمدادات المرتبطة بها. تقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن حوالي %77 من مساحة اليابسة العالمية تستخدم الآن لإنتاج الغذاء والدواجن والألياف الحيوانية وغيرها من المواد الخام ذات الصلة. تعتبر اللحوم منتجاً ذا كثافة عالية لاستهلاك الأراضي؛ فعلى سبيل المثال، يمكن إنتاج نفس كمية البروتين باستخدام أقل بكثير من المساحة إذا تم استبدال اللحوم بمصادر بروتين نباتية مثل الفول والحمص والمكسرات. إن اتباع نظام غذائي قائم على النباتات ليس مفيدًا لصحة الفرد فحسب، ولكنه يساعد أيضًا في تخفيف الضغط الواقع على الأراضي الطبيعية واحتمالية فقدان التنوع البيولوجي الناتجة عن توسع الحقول الزراعية.
تأثير مياه الشرب وكفاءة إدارتها:
يتطلب توفير غذاء عالي الجودة للمستهلكين العالميين مبالغ هائلة من الماء. تشير تقديرات مختلف الدراسات العلمية الحديثة إلى أنه قد يستخدم ما يصل إلى 2,800 لتر من المياه لإنتاج كيلوجرام واحد فقط من لحوم البقر وحتى 1,550 لتراً لكيلوجرام واحد من دجاج المشوي. بالمقارنة، فإن زراعة كيلوجرام واحد من الذرة يتطلب نحو 890 لترا فقط بينما تحتاج محاصيل مثل فول الصويا وقمح الخبز لكميات أقل نسبياً من الماء عند مقارنتها بالحبوب الأخرى. بناءً على هذه البيانات، يعد التحول بعيدا نحو تناول المزيد من الأطعمة النباتية أحد الحلول المحتملة للتخفيف من آثار نقص موارد المياه خاصة وسط التغيرات المناخية المتفاقمة التي تؤثر بشدة على موارد الري التقليدية.
الانبعاثات الناجمة عن الإنبعاث الحراري:
تشكل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري قضية أخرى مرتبطة بنمط حياة الانسان الحديث وبخاصة تلك المرتبطة بصناعة الزراعة والماشية. وفقا لدراسة حديثة نشرتها مجلة سience Advances عام ٢٠١٨، فإن قطاع الثروة الحيوانية مسؤول حاليا عن نسبة ١٤٪* تقريبا* من جميع انبعاثات الغازات الدفيئة حول العالم وهو بذلك يساهم بمقدار أكبر مما ينتج عنه وسائل النقل العام بما فيها السيارات والشاحنات وسفن البضائع البحرية وكل أنواع القطاع الخاص للطيران مجتمعة! ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير لمزارعات اليوم على العمليات غير المستدامة بدلاً من الأساليب المحافظة والمستدامة يؤكد حاجتنا الملحة لاعادة النظر وكبح جماح العديد من الممارسات الرعوية القديمة لتحقيق وفورات كبيرة مستقبليا فيما خص جهود الحد من التأثيرات البيئية لهذه الظاهرة الكبيرة والمسببة للمشاكل الصحية العامة وعلى رأسها ارتفاع درجات حرارة سطح الأرض وخروج بعض مناطق العالم تحت خطر الغرق تحت مستوى سطح البحار بسبب ذوبان الطبقات الجليدية القطبية .
إن تغيير تركيبة نظاما الغذاء العالمي باتجاه أغذية أكثر صحّة وصوناً للمحيط الحيوي أصبح ضرورة ملحّة للإنسانية جمعاء بفضل قدرته غير المسبوقة على تحقيق توازن متجدد بين احتياجات المجتمع المدني وإيقاعات الطبيعة نفسها عبر تطبيق نهج جديد يقوم على الاستثمار الواسع الانتشار لنظام غذائي متنوع وغني بالألياف والذي يشمل مجموعة واسعة ومتنوعة أيضا من الأصناف المختلفة سواء كانت موسمية أم شتويه ! وقد أثبتت مؤشرات أداء عدة دول ناشطة بهذا المجال نجاعة وفعالية برنامج "الخيار الأخضر"- Green Options - الذي اقترحتته مراكز بحث علم المواطن لحشد طاقة الشباب ودعم مشروع تحسين واقع تغذيتهم بأنفسهم بالإضافة لمساندتهم نشر حملاته الإعلامية الرائدة ونشره لأحاديث تؤكد فوائد الصحة للناس وللبيئة جنباً الى جنب دون تأجيل لما فيه صالح الاسر والكائنات كلها مدى الحياة بإذن الله تعالى
