- صاحب المنشور: مريم الشرقي
ملخص النقاش:في العصر الذي نحياه اليوم، حيث تطورت التقنيات الرقمية بسرعة هائلة وتغلغلت في جميع جوانب حياتنا، لم يسلم عالم الأدب العربي الحديث منها. لقد أحدثت الثورة الرقمية تحولات جذرية في طرق الكتابة والقراءة والتواصل بين الكتاب والجمهور. فمن جانب، سهّل الإنترنت نشر الأعمال الأدبية وانتشارها حول العالم، مما أعطى الكتاب العرب فرصة wider لإيصال أصواتهم إلى جمهور أكبر وأكثر تنوعًا. ومن جهة أخرى، أدخل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمحتوى الرقمي الأخرى تغيرات جوهرية في شكل الأدب نفسه.
أصبح الآن بإمكان الروائيين والشعراء وغيرهم من الكتاب الوصول مباشرة إلى القُراء عبر البرامج الإلكترونية والأجهزة الذكية دون الحاجة لوسطاء تقليديين مثل دور النشر والصحف المطبوعة. وهذا فتح الباب أمام مجموعة جديدة تماماً من الفرص الإبداعية للمبدعين المحترفين والفنانين الهواة أيضًا. ومع ذلك، فقد طرح هذا التحول تحديات جديدة تتعلق بالملكية الفكرية والحماية القانونية للأعمال الأدبية.
التغيّرات في أشكال ومضمون الأعمال الأدبية
بالإضافة لتغير الأشكال الخارجية للمنتج الأدبي، أثرت التكنولوجيا أيضاً على المضمون ذاته بأكثر الطرق عمقاً. ظهر الأنواع الجديدة التي تعتمد بشدة على الخصائص المتفردة للتفاعل الرقمي؛ فنحن نشهد ظهور روايات الواقع الافتراضي والنثر الجغرافي (Geopoetry)، والتي تستغل إحداثيات الموقع الجغرافي كعنصر سردي رئيسي. كما تساهم المدونات الشخصية والشعر الفيروسي المنتشر على شبكات التواصل الاجتماعية بتغيير المشاهد الثقافية العامة وكيف يمارس الناس عملية خلق القصائد وقراءتها.
دور اللغة العربية الحديثة
لا يمكن تجاهل الدور الكبير الذي لعبته اللغات المكتوبة والمتداولة رقمياً في تشكيل مشهد اللغة العربية المعاصر. مع انتشار الاستخدام الواسع للنطاق العالمي للإنترنت وبروز اللهجة العامية كمكون رئيسي لهذه المساحة الرقمية، بدأت بعض مفرداتها تخترق بالفعل الأدب الرسمي والعالي المستوى. وقد حظيت هذه الظاهرة بقسم كبير من المناقشات الأكاديمية الأخيرة بشأن مستقبل النهضة اللغوية داخل المجتمعات الناطقة بالعربية.
وفي الوقت الذي تعد فيه التأثيرات الرقمية واضحة للغاية بالنسبة للمبتدئين أو محبي الشعر الحر، فإن تأثيرها يتعمق أكثر عندما يأخذ المرء بعين الاعتبار الصراع الدائر حاليًا بين الأصالة والكوباية - وهو المصطلح الشائع للدلالة على المحتوى المرتجل غير المنظم والذي غالبًا ما يتم كتابته لأسباب تجارية بسيطة بدلاً من الغرض الفني الحقيقي.
بشكل عام، رغم كل التعقيدات والصراعات، تبقى مسيرة الأدب العربي نحو المستقبل مشرقة مليئة بالإمكانيات المثيرة للإعجاب والإنتاج الجديد الرائع الذي سيولد بالتأكيد كتراث ثقافي جديد يستمر لفترة