- صاحب المنشور: إلهام الشهابي
ملخص النقاش:
في عصرنا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. تقدم لنا هذه المنصات عالمًا رقميًا غنيًا بالمعلومات والتواصل مع الآخرين، ولكن هل لها تأثير سلبي على صحتنا النفسية؟ هذا المقال سيستعرض الدراسات الحديثة حول العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاضطرابات الصحية النفسية مثل القلق، الاكتئاب، وفقدان النوم.
منذ ظهورها الأولي في أواخر القرن الماضي، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي نموًا هائلاً في عدد المستخدمين. وفقًا لتقرير حديث صادر عن Hootsuite و We Are Social, هناك أكثر من 4 مليارات مستخدم نشط لهذه الوسائل عبر العالم. رغم الفوائد الواضحة التي توفرها -التواصل مع الأصدقاء والعائلة، البحث عن المعلومات، ومشاركة الخبرات الشخصية- إلا أنها قد تعزز أيضًا مشاعر الوحدة وانعدام الثقة بالنفس لدى البعض.
الدراسات العلمية تشير إلى وجود رابط بين زيادة الوقت الذي نقضيه على الإنترنت وقلة الجودة الجيدة للنوم. حيث يمكن للأضواء الزرقاء الصادرة من الشاشات الإلكترونية أن تقلل إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية للجسم. بالإضافة لذلك، فإن التفاعلات الاجتماعية الرقمية قد تتسبب في الشعور بالتعب النفسي والإرهاق العقلي بسبب الضغط المتزايد للحفاظ على صورة مثالية أمام الآخرين والشعور الدائم بالحاجة للرد فورياً على الرسائل والمشاركات.
كما أن المقارنة المستمرة للمعايير المثالية للعيش والتي يتم عرضها باستمرار عبر محتوى الأفراد المحترفين أو المؤثرين عبر الإنترنت تلعب دور كبير فيما يعرف الآن باسم "متلازمة الفيسبوك". يشعر الكثير ممن يعانون منها بأنهم أقل نجاحاً مقارنة بالأشخاص الذين يرون صور الحياة السعيدة والمُرضية لأصدقائهم وعلاقاتهم وعملتهم. وهذا النوع من الموازنة يؤدي إلى ارتفاع مستوى القلق والأفكار السلبية وتراجع احترام الذات.
بالإضافة لما سبق ذكره ، فقد ارتبط الاستخدام الزائد لوسائل الإعلام الاجتماعية بتزايد حالات الاكتئاب. بعض التحليلات تقول بأنه كلما زاد وقت الشخص أمام الشاشة، نما احتمال شعوره بالاكتئاب بنسبة 27%. وذلك بناءً على نتائج بحث أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2016 والذي شمل عينة كبيرة تضم شباب أمريكي وأوروبي تراوحت أعمارهم بين 18–33 سنة.
وفي النهاية, ليس هدفنا هنا هو التقليل من فوائد التواصل الإجتماعي العديدة والضرورية لكثيرٍ من الناس, بل نهدف لإبراز الجانب المهم المرتبط بصحتنا النفسية عند التعامل معه بكثافة غير صحية. ومن أجل تحقيق توازن صحي واستراتيجيات دفاع فعالة ضد الآثار السلبية المحتملة، ينصح الخبراء باتباع مجموعة متنوعة من التدابير بما في ذلك تحديد حدود واضحة للاستخدام اليومي لهذه الوسائل وضمان الحصول على قدر كافي من الراحة والنوم المنتظم يوميا والحفاظ على العلاقات الحقيقية خارج عالم الإنترنت أيضا لموازنة الأمر بشكل أفضل وصرف طاقات ايجابية نحو الجوانب المختلفة لحياة الإنسان بعيدا عن ضغوط الشبكة العنكبوتية وتحديات الواقع البعيد عنها .
ختاماً، إن التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي قابلة للتخفيف إذا تم اتخاذ الخطوات المناسبة لتحسين استراتيجيات الدفاع ضد تأثيراتها السلبية - سواء كان ذلك عبر الحد من فترة النظر إليها مباشرة أم اللجوء للممارسات الأخرى المفيدة لصحة القلب والجسد والعقل والمحيط العام للحياة الإنسانية عامةً.