- صاحب المنشور: ميادة الغنوشي
ملخص النقاش:
لقد أدت الثورة الرقمية التي شهدها العالم خلال العقود القليلة الماضية إلى تغييرات كبيرة في حياة الشباب. واحدة من أكثر هذه التغييرات تأثيراً هي بروز دور وسائل التواصل الاجتماعي كجزء لا يتجزأ من يومياتهم. بينما توفر هذه المنصات العديد من الفوائد مثل سهولة الاتصال والمعرفة والتواصل الثقافي، إلا أنها قد تحمل أيضاً مخاطر غير مرئية مرتبطة بالصحة النفسية والشعور العام بالسعادة والرضا.
الارتباط بين استخدام الوسائط الاجتماعية والصحة العقلية:
إن الدراسات الحديثة تشير بقوة إلى وجود رابط مباشر بين الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي واكتئاب الشباب وأعراض ضغوط الحياة اليومية. وفقاً لتقرير صدر عام 2019 من قبل جامعة أوكسفورد البريطانية، فإن الأفراد الذين يقضون وقتًا طويلاً على مواقع التواصل الاجتماعي يعانون بمعدلات أعلى بكثير من مشاعر الوحدة والعزلة مقارنة بأولئك الذين يعتمدون أقل عليها. هذا يشمل الشعور بعدم الكفاءة الشخصية بسبب المقارنات الدائمة مع الآخرين، خاصة عندما يتم عرض الجوانب الأكثر جاذبية للحياة عبر الإنترنت فقط.
تأثير الشكل الظاهري للصور والمحتوى:
في المجتمعات العربية التقليدية المحافظة، يمكن أن يكون لهذا التأثير الجانبي الكبير. غالبًا ما تقيم النساء العربيات قيمة الذات بناءً على المعايير الجمالية القياسية التي يتم ترويجها عبر الإنترنت. إن التعرض المستمر لهذه الصور المثالية يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغط النفسي وتدني احترام الذات لدى نسبة كبيرة من الفتيات الصغيرات. بالإضافة لذلك، هناك تركيز متزايد حول "النجاح" كما هو محدد اجتماعيًا واقتنائيًا والذي أصبح الآن جزءا رئيسيا مما يُشار إليه باسم "الحسنة المرئية" عبر الشبكات الاجتماعية.
الحلول المحتملة:
بالنظر إلى هذه المخاطر الواضحة، يجب على الأسر والمجتمع والدولة العمل معًا لإيجاد حلول فعالة لحماية جيلنا الجديد من الآثار السلبية لوسائل الإعلام. ولعل أهم الخطوات المتاحة حاليًا تتمثل في تعليم الأطفال كيفية استخدام هذه الأدوات بطريقة صحية ومستدامة منذ سن مبكرة جدًا؛ سواء كان ذلك من خلال المناهج الدراسية الرسمية أو البرامج التعليمية المنزلية. كذلك ينبغي دعم الخدمات الصحية النفسية للسكان الأصغر سنًا وتعزيز فرص الوصول إليها وجمع المعلومات عنها بفعالية أكبر للمساعدة في الحد من آثار الانزعاج الناجمة عن انعدام الأمن الذاتي الذي يحدث نتيجة للتقييم السلبي الذاتي تحت وطأة مشاركة القصص المصورة وغيرها من أشكال المحتوى الحساسة المرتبطة بتوقع مستوى عالٍ لما يبدو عليه الشخص الطبيعي تمام الصحة!
من هنا، يأتي دور كل مجتمع عربي مسؤول لتحقيق توازن مناسب فيما يتعلق باستخدام الإنترنت وإجراء حوار مفتوحة وصريح داخل الأسرة حول أفضل الطرق لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعية وكيفية تجنب الوقوع فريسة لأخطارها المضمرة والتي تهدد سلامتهم وقدرتهم على تحقيق سعادة مستدامة رغم كونهم ضمن عمر الشباب النشيط حيويته وبراعته تفكيريهما الخاصة بهم حقائق الأمر الواقع الآن وليس مجرد أحلام وأوهام وهميين !