(عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف الحضرمي) كنت ألمح (العود الهندي) منذ زمن بعيد، إلا أن نفسي لم تتعل

(عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف الحضرمي) كنت ألمح (العود الهندي) منذ زمن بعيد، إلا أن نفسي لم تتعلق به؛ لكلفي بالمصدر المتقدم، وخوفي من تفويت الأهم

(عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف الحضرمي)

كنت ألمح (العود الهندي) منذ زمن بعيد، إلا أن نفسي لم تتعلق به؛ لكلفي بالمصدر المتقدم، وخوفي من تفويت الأهم بالمهم.

ثم ضرب الزمان ضربانه، فرأيت صديقي الجناحي يقرأ منه ويمدني ببعض لطائفه وغرائبه، فأعجبني منطقه. وهكذا حتى عرض علي مسألة =

يعلم أنها من جملة ما أبحثه وأجمع فيه، فقال: انظر إلى هذا الحضرمي نبّه على ما تذكره! وتلا علي كلام السقاف.

لم أصدق ما قرع أذنيّ وكدت أجن لدقة المسألة وروعة بيانه! جرس كلامه من جنس كلام الأسلاف إلا أنه معاصر. لم يقر لي قرار لي حتى حمّلت الكتاب وبدأت بقراءته، وهنا كانت المفاجأة.

الكتاب من طراز الأمالي، وكتب الأمالي يغلب على لغتها البساطة؛ لأن المملي يحرص على إيراد ما في ذاكرته قبل أن يرتد لسانه، ويغلب عليها الإملال؛ لأن المملي يجد لذة في إنشاد ما يحفظه ولو كان على حساب قيمته العلمية أو الأدبية.

هذا السقاف كان يملي بلغة فريدة أجمل من لغة الجاحظ =

والتوحيدي، لغة السقاف خاصة به، بألفاظها وتراكيبها، وأحسب أنه لم ير في أهل زمانه مثلَ نفسه في الأسلوب، يفتتح المقاطع ويختتمها بأسلوب كالماركة المسجلة له، مع ذكاء حاد، وقريحة سيالة، وديانة وتصوف وفقه وأصول، مزيج لا تملك معه إلا أنه تقول: تبارك الله أحسن الخالقين.

يورد وقد يُغلّط، ويصحح بأدب تندفع معه إلى الابتسام والتصفيق، ويحتال بألف حيلة فاتنة لإيراد آية فيما قد جمع جراميزه له.

وإذا نقل ما نعرفه من قصص أو أخبار مودعة الكتب، أعاد صياغته ببلاغة سقافية تجعله تجديدا لدى من مل كتب التراث.

وهو رقيق جدا، يحكى عن جده وعن أبيه من رقة التلقي =


ريانة الصالحي

9 مدونة المشاركات

التعليقات