1

يعتبر ابن بطوطة من أعظم الرحَّالة المسلمين وأوسعهم شهرة، سُمِّيَ بشيخ الرحالين لكثرة طوافه في الآفاق، فقد أمضى ثماني وعشرين عامًا من حياته في أسفارٍ متصلة ورحلاتٍ متعاقبة، فكان أوفر الرحَّالين نشاطًا واستيعابًا للأخبار، وأشهرهم عناية بالحديث عن الحالة الاجتماعية في البلاد التي

2

تجوَّل فيها، كما كان من المغامرين الذين دفعهم حبُّ الاستطلاع إلى ركوب الكثير من الصعاب.

لم يترك ابن بطوطة خلفه أي إنتاج أدبي، سوى سردٍ لأسفاره على شكل كتابٍ عنوانه: (تحفة النظار في عجائب الأمصار وعجائب الأسفار)، الشهير بكتاب (رحلة ابن بطوطة).

وكان السلطان المغربي

3

أبو عنان فارس المريني الذي أعجب برحلات ابن بطوطة وقصصه المشوقة، قد طلب منه أن يمليها على كاتبه محمد بن جزيّ الكلبي، وقد أطلق ابن جزي على الكتاب اسم (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار).

وهو عمل مشترك قام به ابن بطوطة وابن جزي، وصبغه كل منهما بطابعه الخاص،

4

فجعل فيه ابن بطوطة روحه التي تحب العجائب والغرائب، وجعل فيه ابن جزي أسلوبه الذي لا يخلو من صنعة وتكلف وتنميق، فهو كتاب سلس الإنشاء، وفيه رواية حوادث نادرة فكهة، وتقاليد شاذة، وقد أحس ابن بطوطة بأن ما يذكر من أخبار عن الهند تُعَدُّ غريبة، وبعيدة عما هو مألوف، وبأنها ستحمل

5

الكثير من الناس على الشك في صحة كلامه، فأقسم على ذلك بأنه صادق فيما رأى وفيما تكلم[1].

وكان من هؤلاء المشككين ابن خلدون إذ يقول: "أنه ورد بالمغرب لعهد السلطان أبي عنان من ملوك بني مرين رجلٌ من مشيخة طنجة يُعرف بابن بطوطة، كان رحل منذ عشرين سنة قبلها إلى المشرق، وتقلَّب في بلاد