في عالم تتسارع فيه الحياة اليومية وتتعقد الأمور باستمرار، يصبح فهم التأثير المتبادل للصحة النفسية والأداء الأكاديمي أمرًا بالغ الأهمية. هناك علاقة متشابكة تربط بين الحالة الصحية للأفراد والعقل ونجاحهم الأكاديمي. هذه العلاقة ليست مجرد ملاحظة عامة؛ بل هي موضوع بحث مكثف في مجال التربية وعلم النفس.
مقدمة
الصحة النفسية تشمل مجموعة واسعة من الحالات التي تؤثر بشكل كبير على كيف يشعر الناس ويتفاعلون مع العالم حولهم. إنها تشمل الرفاهية العامة للإنسان، بما في ذلك عواطفه، ومزاجه، ومعتقداته الذاتية، وكيف ينظر لنفسه. عندما يتم تجاهلها أو التعامل معها بشكل غير صحيح، قد يؤدي ذلك إلى مشاكل صحية نفسية مثل الاكتئاب، القلق، واضطرابات النوم. كل هذه يمكن أن يكون لها تأثير سلبي مباشر على القدرة الدراسية والتدريسي للفرد.
تأثير الصّحة النفسيّة علي الأداؤء أكاديمياً
الأبحاث الحديثة تُظهر ارتباطاً واضحاً بين صحة الفرد النفسية وقدرته التحصيل العلمي. العديد من الدراسات وجدت أنه بالنسبة للمتعلمين الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية كالاكتئاب مثلاً، غالبًا ما يُظهِرون مستويات أداء أقل بالمدرسة والمستوى الجامعي أيضاً. وذلك يرجع جزئيًا إلى نقص الطاقة الذهنية اللازمة للاستيعاب وحل المشكلات بالإضافة الى زيادة الشعور بالإرهاق والإجهاد العقلي الذي يصاحب تقلبات مزاج الأشخاص المصابين بهذه الحالات المرضية مما يحرم الدماغ من الراحة اللازمة لإعادة تنظيم ذاته وإعداد نفسها لمزيدٍ من التفكير والاستيعاب الإيجابي لاحقا.
كما أثبت الباحثون أيضًا وجود روابط قوية بين مستوى الشعور بالأمان الاجتماعي النفسي (أي مدى شعور الطلاب بقدرتهم على التكيف اجتماعيًا داخل بيئة المدرسة) وبين نجاحهم الأكاديمي. فشعور الطفل بالقيمة والثقة بالنفس يساهم بشكل أساسي بتحسن حالته النفسية وعلى المدى الطويل سيكون له انعكاس إيجابي على قدرته الأكاديمية أيضا - وهذا يدعم وجهة النظر بأن تحقيق توازن جيد بين الاعتبارات الاجتماعية الشخصية والاحتياجات التعليمية هو مفتاح تطوير النهج الشامل لتحقيق نتائج تعلم متميزة لدى الشباب المتحمس نحو المستقبل .
دور المدارس والمعلمين في دعم الرعاية النفسية
من هنا تنبع مسؤوليات المدارس والمعلمين في توفير نظام دعم متعدد الأوجه يحمي حقوق الأطفال ويضمن حقهم بالحصول على فرصة الوصول لأخصائي الصحة النفسية أثناء دراستهم خارج المنزل إن احتاج الأمر لذلك خاصة وأن المؤسسة التعليمية تعتبر واحدة من البيئات الأكثر تأثيراً خلال فترة نمو وصبا هؤلاء الناشئة والتي يحتمل أنها الفترة العمرية الأكثر حساسية لهم جميعا بلا استثناء. إنشاء برنامج رسمي لرعاية الطلبة وإنفاذ السياسات المناسبة لتقديم المساعدات الاحترافية عند الضرورة يمكن أن يحدث فرق كبير لحياة الكثير منهم ممن هم بحاجة ماسة لهذا النوع الخاص من العلاج المبني خصيصا لمراحل عمرهم العمرية المختلفة ومايتناسب منها مع ظروف مجتمعنا المحلي والدولي كذلك .
وفي النهاية, يجب إدراك خطر عدم التصدي لهذه الظاهرة بطريقة فعالة وسريعة كون آثارها بعيدة المدى ولن تغادر حياة الشخص إلا اذا تمت اعادة بناء الثقة والسلوك الصحى لديه منذ بداية مراحل حياته الأولى جعل المؤشر العام لاتجاهه نحو طريق السلام والراحة النفسية داخليا وخارجيا مصدر ارتقاء حقيقي لحياته العملية والحياة الشخصية عموما!