عندما يتعلق الأمر بعقيدة المسلمين في توحيد الأسماء والصفات، فإن أهل السنة والجماعة يؤمنون تماماً بما ورد في القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فهم يؤمنون بتلك الصفات دون تأويل زائد أو تمثيليات خرافية، ودون تجريد قاسٍ أو تحريف لمدلول الكلمات المقدسة. لذلك، يلتزم المسلمون تقليديًا بتوصيف الله سبحانه وتعالى بناءً على ما أخبرنا به الكتاب والسنة المطهرتان دون تشبيه أو تعديل لحقيقته الغيبية. وهكذا نقل لنا العلامة أبو عمر يوسف بن عبد البر مثلاً: "أن أهل السنة متفقون بالإقرار بحقيقة جميع الصفات الواردة في القرآن والأحاديث النبوية الشريفة، معتقدين أنها حقيقية ذات معنى وليس مجرد مجاز".
ومع ذلك، هناك حدود واضحة لهذه العقيدة الإسلامية التي يجب عدم تجاوزها. إذ يشهد التاريخ بأن أولئك الذين نفوا بشكل مطلق وجود تلك الصفات الربانية -كما فعل بعض الباطنيين والجهميين وغلاة المعطلة والمبتدعة الأخرى- هم بالتالي قد تركوا دين الإسلام وخالفوا إجماع المؤمنين الأصلاء. وكذلك بالنسبة لأولئك الذين رفضوا تقديس اسم واحد فقط من الأسماء الإلهية أو صفة واحدة منهم بغض النظر عنها، فقد ارتكبوا خطيئة كبيرة تكفر بهم بإذن رب العالمين؛ حيث يعني نفي جانب من جوانب الذات الإلهية الإنكار المتعمّد لما جاء عن الله عز وجل وما صح عن رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو أمر غير مسامح فيه شرعا.
