- صاحب المنشور: أريج بن عمر
ملخص النقاش:عندما ننظر إلى المشهد السياسي المعقد للشرق الأوسط، يبرز دور كل من تركيا وإيران كلاعبين رئيسيين يشكلان تحديات كبيرة ويعززان التوتر في المنطقة. هذه الدولتين اللتين تتمتعان بتأثير ثقافي وتاريخي كبير لهما سياسات متباينة تؤثر على استقرار واستدامة العديد من دول الشرق الأوسط.
تركيا، رغم كونها عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، اتبعت سياسة خارجية مستقلة للغاية منذ الثورة التركية عام 2013. فقد أدى هذا التحول الجذري تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان إلى توسيع النفوذ التركي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد الانخراط العسكري الواضح في سوريا وليبيا والصراع الكردي الداخلي. إن الوجود العسكري التركي المتزايد والرغبة في تعزيز النفوذ الثقافي والديني الإسلامي عبر "النهضة الجديدة" قد جعلت بعض القوى الأخرى تشعر بالتهديد، مما أدى إلى توتر العلاقات مع جيران مثل اليونان وقبرص ومصر وغيرها.
من جهة أخرى، تلعب إيران دوراً مؤثراً أيضاً ولكن بطريقة مختلفة تماماً. فهي تدعم الحركات الشيعية والجماعات السياسية المؤيدة لها في العراق وسوريا ولبنان والبحرين والإمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن برنامجها النووي وأنشطة تطوير الصواريخ الباليستية التي تتجاوز الحدود الدولية غالبًا ما تكون مصدر قلق للدول الغربية والعربية السنة.
بالرغم من الاختلافات الظاهرة بينهما إلا أنه يمكن أيضا رؤية نقاط تقاطع مهمة. فكلا البلدين لديهما نزاعات تاريخية وعلاقات جيوسياسية مع إسرائيل والأردن والعراق وجورجيا وأرمينيا - حيث يتداخل مصالحهم ويتعارض أحيانًا حول الفضاء الجيوسياسي نفسه. كما تسعى الحكومتان لتحقيق توازن دقيق للحفاظ على القوة داخل حدودها الوطنية بينما تحاول أيضًا التأثير خارجياً.
وفي نهاية المطاف ، يبقى تأثير هذين اللاعبين الأساسيين غير ثابت ويمكن تغييره حسب الاقتصاد العالمي والتوترات المحلية والحراك الديموغرافي والتحولات الداخلية لكل دولة. وبالتالي ، سواء كانت علاقاتهما وثيقة أم عدائية ، ستظل تركيا وإيران لاعبيْن أساسييْن يصنعان ويغيران وجه الخارطة الاستراتيجية للشرق الأوسط لسنوات قادمة .