- صاحب المنشور: زليخة بن الطيب
ملخص النقاش:في عالم يتسارع فيه التقدم التكنولوجي والتنمية الاقتصادية، يبرز نقاش مهم حول كيفية تحقيق توازن بين استيعاب روح العصر والتطلع نحو مستقبل أفضل وبين المحافظة على القيم والموروثات الثقافية التي تشكل الهوية الفريدة للأمم والشعوب. هذا التوازن ليس مجرد مسألة فلسفية أو فكرية؛ بل هو تحدّي عملي واجتماعي واقتصادي أيضًا. إن الاندفاع نحو الحداثة قد يؤدي إلى فقدان جزء كبير من التعابير الثقافية والأدوات التقليدية التي كانت تحمل معاني قيمة عبر الأجيال. ومن ناحية أخرى، فإن الانغلاق خلف جدران الماضي يمكن أن يقيد الإمكانيات ويمنع الاستفادة الكاملة من الفرص المتاحة في العالم الحديث.
وفي المجتمع العربي والإسلامي تحديدًا، حيث تلعب العقيدة والدين دورًا محوريًا في الحياة اليومية، يأتي موضوع التوازن بين الحداثة والحفاظ على التراث بمزيد من الأهمية. فالتمسك بالقيم الإسلامية الأساسية مثل الرحمة والعدل والكرم، والتي تعكسها العديد من الفنون الشعبية والممارسات الاجتماعية، أمر ضروري للحفاظ على الروح الإنسانية وتعزيز الوئام الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، ينبغي عدم تجاهل أهمية التعليم العلمي والتقني لاستدامة التنمية البشرية ومواكبة الاحتياجات العالمية المعاصرة.
التحديات أمام تحقيق هذا التوازن
- مقاومة التغيير: غالبًا ما تقابل أفكار الدمج بين القديم والحديث بمقاومة كبيرة من الجيل الأكبر سنًا الذين تربوا على تقاليد معينة ولا يرغبون بتغير روتين حياتهم.
- نقص البرامج التعليمية: هناك حاجة ملحة لتوفير دورات دراسية تجمع بين المبادئ القديمة والمعرفة الحديثة بطريقة تؤكد على أهميتها المشتركة وتستغل نقاط قوة كل منهما لتعزيز الآخر.
- الثروة الثقافية الرقمية: تحتاج الدول العربية إلى تطوير بنية تحتية رقمية فعالة تساهم في توثيق ومشاركة التراث الثقافي ضمن نطاق واسع باستخدام وسائل التواصل الحديثة مما يساعد في الوصول إليه وجذب اهتمام الشباب به مرة أخرى.
ومن هنا، تصبح السياسات الحكومية وأنظمة التعليم ذات أهمية قصوى في تحويل هذه الفكرة من مجرد حلم إلي واقع مجسد يساهم بقوة في بناء مجتمع متقدم ومتماسك ثقافيًا وهويتيًا. وقد حققت بعض البلدان نجاحات مبهرة فيما يتعلق بهذا المجال مثل دولة قطر مثلاً، حيث تم دمج التراث الطبيعي والثقافي للمدينة التاريخية «الدوحة» بمرافق حديثة مصممة وفق أعلى المواصفات الهندسية والفنية لتحافظ بذلك على أصالة المدينة واحتفاءً بتاريخها الغني بينما تستوعب احتياجات سكانها الحاليين والسياح المنتظرين لرؤية جوهر تاريخ تلك البلاد الخلاب.