في حديث نبوي شهير، ورد الأمر لأحد الأشخاص بتقبّل وعد الرسول الكريم بأن يقبّل بالجنة لمن يتجنب سؤال الناس شيئًا. وعلى الرغم من أن هذا الأمر يبدو صارمًا بالنسبة للبعض، فهو ليس إلزاميًا لكل المسلمين. إن ترك سؤال الناس، بشكل كامل أو جزئي حسب الظروف، يعد من أعلى درجات التقوى والتبتل إلى الله تعالى. وهذا يعكس أيضًا فضيلة ضبط النفس والعيش بكرامة بعيدًا عن الاعتماد الزائد على الآخرين.
ورد هذا الحديث في صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ألا تبايعون رسول الله؟"، مستخدمًا عبارة "شيء". هذه اللغة العامة هنا تشير إلى منع شامل للسؤال عمومًا، كما يفسر علماء الأصول النكرة في السياق النهي لتدل على العام. ومع ذلك، فإن الواقع العملي يؤكد أنه ليس بإمكان الجميع تنفيذ هذا الأمر تمامًا بسبب اختلاف ظروف الحياة واحتياجات البشر المتنوعة.
وقد اختار البعض مثل ثوبان رضي الله عنه تطبيق هذا المعنى حرفياً. فحتى لو سقط سوطه أثناء الرحلة، فقد تجنب سؤال أحد المساعدة حتى يتمكن من نزوله بنفسه ومواصلة الطريق بمفرده. ويظهر هذا التطبيق الشديد للإرشادات الدينية مدى تقديس هؤلاء الأفراد للتكاليف الروحية للأمانة والإعالة الذاتية.
لكن يجب التأكيد أن هناك حالات خاصة تستدعي اللجوء إلى الآخرين للحاجة الملحة كالفقر المدقع مثلاً؛ فالرسول نفسه أكد عدم ضرورة السؤال في الأمور التي تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية والتي تعتبر ضرورية لبقاء حياة الشخص كريمة وسليمة. وهنا تأتي أهمية التفكير الناقد والفهم العميق للمعنى الأصلي والسياقات المختلفة لهذه النصائح المقدسة.
ختاماً، يدعو العديد من العلماء والأئمة إلى تبني روح التحفظ والاعتدال في حياتنا اليومية بما يتماشى مع القدرات الشخصية ويتوافق مع المقاصد الشرعية. فأفضل طريقة لاستخدام التعليمات الدينية هي بغرض تحقيق توازن بين الطموحات الروحية والممارسات العملية التي تضمن حياة متوازنة وشاملة.