في الإسلام، يُعتبر الصبر فضيلة عظيمة تُعد أحد أهم المقومات الروحية التي تساعد المؤمن على مواجهة تحديات الحياة ومحنها. ولكن هل يمكن للمؤمن أن يدعو الله ليبريه من البلاء أم يجب عليه البحث عنه؟ هذا ما سنتناول شرحه اليوم بناءً على الأدلة الشرعية.
دعاء الصبر في حالات البلاء
الحكم الشرعي واضح فيما يتعلق بدعاء الصبر. وفقاً للحديث الشريف الوارد في جامع الترمذي رقم (3527)، عندما يسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو قائلاً: "اللهم إني أسألك الصبر"، يعقب النبي قائلاً: "سألت الله البلاء، فاسأله العافية". ومع ذلك، يشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أن هذا الحديث خاص بالحالة التي تسعى فيها إلى تجنب المصائب، وليس له علاقة بصلاة الصبر حين تحدث المصائب بالفعل. حيث يقول: "أما في حالة وجود البلاء، فهو مشروع جدًا أن ندعو الله لنيل الصبر" [مرجع].
ويذكر القرآن الكريم العديد من الأمثلة التي يؤكد فيها الصحابة والتابعون عليهم السلام حاجتهم إلى الصبر كمصدر رئيسي للاستعداد والمعونة خلال فترات البلاء. فعلى سبيل المثال، يقول الله عز وجل في سورة البقرة: "ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين" (250). وهناك أيضًا مثال آخر لسحرة فرعون الذين يقولون: "قالوا إنا إلى ربنا منقلبون وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنـا افـرق علينــا صبرا وثبـت علـينا قلوبنـا وانصرنـا علـى القومي الكافرين" (الأعراف/ 125-126).
وفي دعائه الخاص، وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل شكل لصلاة الشخص المسلم، حيث قال: "اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خير لي وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي". وفي دعوة أخرى، طلب النبي البركة والنعمة غير المنقطعة والقناعة والسعادة في لقائه مع الرب سبحانه وتعالى ودعوات أخرى متصلة بالموضوع نفسه... كل هذه الأدلة تشير إلى قبول الإسلام لصلاة الصبر والاستناد إليها أثناء التعامل مع المواقف الحرجة والمصاعب.
دعاء الصبر بالنسبة لأطفالك
بالنظر إلى قضيتك الخاصة حول ولدك الذي يعاني من مشكلة الغضب بسرعة، يمكن اعتبار مثل هذه الحالة مناسبة لتقديم دعم روحاني عبر الإلحاح في دعاء الطفل بالهدوء وسعة النفس وضبط النفس وغيرها من صفاته الحميدة المرتبطة بالصبر. إذ ليس هناك أمر خاطئ هنا؛ لأن طالب العلم سوف يبقى دائمًا في مرحلة الاختبار والنضال ضد ميلاته ورغباته البشرية الطبيعية. لذلك، يعد تعزيز صلاة الصبر خطوة ضرورية لمساعدة طفلك على التحرك نحو شخصية أكثر توازنًا وشجاعة أمام احتمالات المستقبل بشكل عام.