في الفتوى المقدمة، يتم تسليط الضوء على موضوع مهم يتعلق بالمسؤولية القانونية والأخلاقية للأشخاص الذين يقودون السيارات بناءً على تعليمات الآخرين، خاصة عندما تكون هذه القيادة هي السبب في وقوع ضرر أو خسائر بشرية.
إذا كان الشخص المكلف قد توجه لقيادة سيارة وفق أمر من ولي أمره، ثم أسفر ذلك عن وفاة طفل، فهذا الشخص يحمل المسؤولية الكاملة عن تصرفاته، بغض النظر عن عمره الظاهر. حيث يشير الفقهاء إلى أن بلوغ السن القانوني للمسؤولية يكون مع اكتمال خمس عشرة سنة هجرية، حتى بدون ظهور علامات البلوغ الجسمية مثل شعر العانة أو احتلام الليل. وهذا يعني أن أي شاب يكمل هذه الفترة العمرية يعتبر بالغا ومكلفا بتبعات أعماله.
أما بالنسبة للحادث نفسه، يجب النظر بدقة في ظروفه. إذا تبين وجود تقصير أو إهمال من جانب السائق، سواء عبر عدم الحصول على الترخيص المناسب، أو تجاوز حدود السرعة المرخصة، أو الإهمال أثناء القيادة، فللسائق حينها التزام الدية والعقوبات الأخرى المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية. ومع ذلك، إذا كانت الواقعة نتيجة عوامل مستقبلة بشكل كامل خارج سيطرة السائق، كخطأ مبادر من قبل الطفل المعني مثلا، وكانت محاولة الاستدراك أمرا مستحيلا نظرا لتوقيت الحدث وحجمه المفاجئ، هنا يمكن استبعاد أي ذنب يعود إليه.
وتؤكد آراء علماء الدين أهمية دراسة كل حادث بعناية لفهم طبيعة الخطأ ودرجة المساءلة. وهكذا، ينصح باتباع قاعدة عامة وهي "إذا نتج الحادث عن تقصير من السائق فيجب دفع الدية والتوبة إلى الله عز وجل. بينما إذا برء ساحته من أي تقصير ويتبين أن الخطأ راجع لجهات أخرى تماما بما في ذلك الأطفال أنفسهم فالخلاص منها". إنها مسألة حساسة تتطلب الرعاية والحكمة في فهمها والموازنة بين حقوق الأفراد وضرورات المجتمع وجهود الوقاية المبنية على التعاليم الإسلامية.