- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
في عصر المعلومات الرقمية الذي نعيشه حالياً, أصبح الحديث حول الموازنة بين الحاجة إلى حماية البيانات الشخصية "الخصوصية" والحاجة لإتاحة الوصول لهذه البيانات لأغراض مختلفة مثل تحسين الخدمات أو البحث العلمي "الشفافية"، من أكثر القضايا التي تستحق المناقشة. هذا الموضوع يلمس كل جوانب حياتنا اليومية، بداية من الشبكات الاجتماعية وانتهاء بالتطبيقات الصحية الذكية.
من جهة, يُعتبر حق الفرد في خصوصيته أمرًا مقدسًا في العديد من الثقافات والقوانين الدولية. فهو يحمي الأفراد من الاستخدام غير القانوني لبياناتهم الشخصية ويضمن لهم حرية التعامل مع معلوماتهم الخاصة كما يرغبون. ولكن، من الجهة الأخرى, يمكن للبيانات العامة عند استخدامها بطرق مبتكرة ومأمونة أن تساهم بشكل كبير في تقدم المجتمع وتطوير التقنيات الجديدة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
الاستخدامات المحتملة للبيانات
على سبيل المثال، البيانات الشخصية المجمعة قد تساعد العلماء في تحديد الأنماط الصحية والأوبئة قبل انتشارها الواسع، مما يسمح باتخاذ إجراءات وقائية فعالة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه البيانات لتوفير خدمات شخصية ومتخصصة للمستهلكين بناءً على تفضيلاتهم وهواياتهم. ومع ذلك، فإن المخاطر المرتبطة بهذه الاستخدامات واضحة أيضًا؛ فهي تشمل الاحتيال الإلكتروني، انتهاكات الأمن السيبراني، والمخاوف بشأن التحيز والاستهداف غير العادل للأشخاص ذوي البشرة الملونة وغيرهم ممن هم معرضون بالفعل لأنماط عدم المساواة النظامية.
التحديات التقنية وأخلاقية
إن تحقيق توازن بين هاتين القوتين المتناقضتين ليس مهمة سهلة. إنه يتطلب تطوير تقنيات متقدمة قادرة على حماية بيانات المستخدمين بينما تسمح أيضاً بقدر مناسب من الشفافية للاستفادة منها في المشاريع المفيدة. وهذا يشمل إنشاء خوارزميات آمنة وفعالة تخدع البيانات ("تشفير") لمنع الوصول غير المصرح به، وضمان سياسات شفافة وفعالة لحماية البيانات ('GDPR' مثلاً). وفي الوقت نفسه، ينبغي وضع قواعد أخلاقية محددة تحدد حدود استعمال البيانات وكيفية تعويض الأشخاص الذين يستخدمون بياناتهم لصالح الآخرين.
وفي النهاية، يبدو الحل الأمثل لهذا الصراع هو الاعتماد على نظام قائم على الموافقة حيث يتم منح الأفراد القدرة على اختيار كيف ومتى يتم مشاركة بياناتهم. يجب أن تكون عملية اتخاذ القرار هذه بسيطة وخاضعة للإدارة الذاتية حتى يتمكن الجميع من فهمها واتخاذ قرار مستنير يعكس مصالحهم الخاصة.
هذه العملية الحرجة ليست مجرد مسألة تكنولوجيا فحسب، بل هي تحدٍ أخلاقي كبير يسعى لتحقيق هدف نبيل وهو تمكين الناس من الحصول على أفضل الخدمات، ومع ذلك بأقل قدر ممكن من الاضطراب