تحولات الرأي العام تجاه التكنولوجيا وأثرها على المجتمعات العربية: دراسة تحليلية

تزايدت أهمية التكنولوجيا في حياتنا اليومية بمعدلات مذهلة خلال العقود الأخيرة. لقد غير الإنترنت والهواتف الذكية وعصر الذكاء الاصطناعي طريقة تعامل البشر

  • صاحب المنشور: إليان بن عمر

    ملخص النقاش:
    تزايدت أهمية التكنولوجيا في حياتنا اليومية بمعدلات مذهلة خلال العقود الأخيرة. لقد غير الإنترنت والهواتف الذكية وعصر الذكاء الاصطناعي طريقة تعامل البشر مع بعضهم البعض وتواصلوا وتعلموا ويعملوا. وفي حين تُعتبر هذه التحولات جزءاً حيوياً من تطور الحضارة الإنسانية، إلا أنها أثارت أيضاً نقاشات عميقة حول تأثيراتها الاجتماعية والثقافية. يهدف هذا المقال إلى استعراض وتحليل كيف قد تغير وجهة نظر الجمهور العربي بشأن التقنية وما إذا كانت تلك التأثيرات إيجابية أم سلبية.

الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا:

لقد انتشرت الأدوات الإلكترونية بين العرب بسرعة كبيرة - فوفقًا لبيانات عام 2021 الصادرة عن "We Are Social"، وصل عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية في المنطقة العربية إلى أكثر من 379 مليون شخص؛ مما يشكل نسبة تقارب الـ86٪ من السكان الذين تتجاوز أعمارهم 14 سنة. ومن الواضح أنّ انتشار الهواتف المحمولة كان عامل رئيسيٌّ في هذا الانتشار الواسع لهذه التقنيات الحديثة حيث بلغ عدد الأجهزة النقالة في العالم العربي حوالي 349,7 مليون هاتف بحلول نهاية سنة ٢٠٢٠ وفق تقديرات شركة جوجل للمعلومات العالمية Google Global information Research). إنّه واقع جديد شكل تحدٍ أمام المفاهيم التقليدية للوقت والعلاقات الشخصية والعلاقات الجسدية أيضًا.

آثار التغيرات الرقمية:

بالرغم من الفوائد العديدة التي جاءت بها الثورة الصناعية الرابعة مثل زيادة الكفاءة والإنتاج، فإن هناك مخاوف متنامية لدى الكثيرين بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت وغيرهما على جوانب مختلفة من حياة الأفراد والمجتمع ككل. فقد أدى الاعتماد الكبير عليها لتوفير المعلومات والتفاعل الاجتماعي وتعزيز الاتصال العالمي إلى ظهور مشاكل صحية نفسية واجتماعية جديدة كالقلق الناجم عن المقارنة المستمرة للحياة الخاصة بالمستخدمين عبر المنصات المختلفة وقضاء وقت طويل أمام الشاشات مما يؤدي للإدمان وانخفاض مستوى نشاط الجسم البدني. ومع ذلك، يستدل البعض الآخر بأن هذه الآثار السلبيّة يمكن احتواؤها بالتوعية والاستخدام المسؤول لهذه الوسائل الجديدة.

التأثير الثقافي والديني:

من المواضيع المثيرة للجدل الأخرى هي انعكاسات هذه التقنيات على القيم والمعتقدات الدينية للشباب المسلم تحديدًا والذي يعد أغلبية سكان الدول العربية بنسبة تصل لنحو %٩٨٫٣ حسب الإحصائيات الرسمية لموقع " Pew Research Center". إذ ينظر العديد منهم بريبة نحو تسرب مفاهيم غربية تؤثر بطريقة غير مباشرة أو مباشرة على الأخلاق الإسلامية، بينما يُقر آخرون بإمكان استخدام ذات الوسائل لنشر المعرفة والفقه الإسلامي وبناء شبكات اجتماعية داعمة للأسر والأطفال والشباب دينيا وفكريا بجعل محتوى رقمي ملتزم بتعاليم القرآن والسنة موجود وميسَّر لهم جميعًا ليصبح اختيار الأولوية لديهم.

ختاما، فإن قضية تبني تكنولوجيات العصر الحديث تعد معركة متغيرة باستمرار بين مؤيد ومعارض لها داخل مجتمعاتنا العربية نفسها. وعلى الرغم من وجود مزايا عظيمة لتحقيق تقدم حضاري واسع المدى، ثمة ضرورة ملحة لاستراتيجية موازنة شاملة تضمن الحد الأمثل للاستمتاع بفوائده محققين درء خطر سلبياته المحتملة قدر المستطاع بالحفاظ على هويتهم الوطنية الأصيلة واستقامة ضميرهم الشخصي الرباني أيضا - وهذه إحدى أكبر التحديات الآن!


مهلب البوعناني

22 مدونة المشاركات

التعليقات