- صاحب المنشور: ناديا الشهابي
ملخص النقاش:في عالم اليوم المعاصر الذي يشهد تطوراً تكنولوجياً هائلاً، باتت التقنيات الرقمية جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. بدءاً من الهواتف الذكية والوسائط الاجتماعية إلى الأجهزة المنزلية الذكية وأنظمة الترفيه الافتراضية، فقد غيرت هذه الأدوات الثورة المعلوماتية الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض داخل الأسرة وخارجها. بينما توفر وسائل الاتصال والتواصل عبر الإنترنت العديد من الفرص للإنجاز والتعلم وتوسيع الدوائر الاجتماعية، إلا أنها قد تشكل أيضاً تحديات كبيرة للعلاقات الأسرية.
من جهة، تساهم التكنولوجيا في تعزيز التواصل بين أفراد الأسرة الذين يعيشون بعيداً جغرافياً. تطبيقات مثل Skype و Zoom و FaceTime تمكن الآباء والأبناء والأحباب المتباعدين من البقاء على اتصال مستمر ورؤية وجوه بعضهم البعض حتى وإن كانوا يفصل بينهم آلاف الأميال. كما يساعد استخدام أدوات التعليم الإلكتروني عن بعد الأطفال والمراهقين على الاستمرار في تحصيلهم الأكاديمي أثناء فترات الحجر الصحي أو حالات الطوارئ الأخرى.
بالإضافة لذلك، يمكن للتكنولوجيا تحسين كفاءة إدارة الأعمال المنزلية ومهام رعاية الأطفال من خلال وجود مساعدين رقميين ذوي خبرة عالية ومتاحين دائماً للاستجابة للمشكلات الصغيرة. وبالتالي فإن الوقت المحرر نتيجة لاستخدام هذه الحلول التكنولوجية يمكن استثماره في زيادة الجودة العامة للوقت العائلي وقضاء المزيد من اللحظات المشتركة المفيدة.
لكن الجانب الآخر لهذه القصة يحمل عبئا أكبر بكثير. فمع تزايد الاعتماد على الوسائل الرقمية، تصبح فرصة الانقطاع عن العالم الواقعي وإقامة روابط حقيقية أقل احتمالا. يؤدي الزيادة المنتظمة لمشاهد الأفلام والبرامج التلفزيونية عبر الشاشات إلى تقليل ساعات اللعب الحر والجلسات الحميمة حول طاولة الطعام والتي كانت فيما مضى عادة ثابتة لدى معظم المجتمعات.
علاوة على ذلك، تُحدث المنصات الاجتماعية نقلة نوعية أخرى نحو انغماس العمليات النفسية للأطفال والشباب في القدرات الإدراكية السلبية كنقص الانتباه وفقدان القدرة على التركيز بسبب الضغوط المستمرة لإرضاء الجمهور الافتراضي. وفي كثير من الحالات، يتحول هذا الوضع إلى مدخل رئيسي لظهور مشاكل الصحة العقلية المختلفة كالقلق والاكتئاب واضطرابات النوم وغيرها مما ينذر بسوء الحالة الصحية الكلية لعائلة بأكملها وليس فرد واحد منها فقط.
وفي ظل كل هذه المصالح المتعارضة وضغط المتطلبات الجديدة، يكمن مفتاح تحقيق توازن صحي وصيانة تماسك أسري قوي في وضع حدود واضحة ومتفق عليها بشأن استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة ضمن بيئة الأسرة. فهناك حاجة ماسة لتحديد توقيت محدد لحظر استخدام الهاتف المحمول أو إلزام جميع أفراد البيت بمشاركة نشاط جماعي يتم اختياره بعناية لتحفيز الاحترام المتبادل وتوفير متنفس رحيب أمام المناقشات والعبر التعليمية بنكهتها الخاصة بالأسرة.
إن إدراك أهمية التحكم المدروس في مدى تعرض أطفالنا وعائلاتنا لأثرside effects السلبي المحتمل للتطور التقني هو خطوة ضرورية للغاية للحفاظ على صحتنا النفسية العامة وتعزيز الروابط الإنسانية الطبيعية التي تعتمد أكثر فأكثر على اتخاذ قرارات رشيدة تجاه اعتمادنا الحالي الواسع انتشارًا لهذا النوع الجديد من "الطاقة" المسخرة لنا ولحياتنا الشخصية.