تأثير الوباء على اقتصاديات الدول العربية: دراسة مقارنة وتوقعات مستقبلية

في مواجهة جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت العالم منذ عام 2020، واجهت العديد من دول المنطقة العربية تحدياً غير مسبوق. لقد ألقت هذه الأزمة الصحية العالمية بظ

  • صاحب المنشور: عبدالناصر البصري

    ملخص النقاش:
    في مواجهة جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت العالم منذ عام 2020، واجهت العديد من دول المنطقة العربية تحدياً غير مسبوق. لقد ألقت هذه الأزمة الصحية العالمية بظلالها الثقيلة على مختلف القطاعات الاقتصادية، مما أدى إلى اضطرابات كبيرة وانكماش حاد في النمو الاقتصادي. سنقوم هنا بمراجعة الآثار المباشرة وغير المباشرة لهذا الوباء على اقتصاديات الدول العربية، مع التركيز على بعض البلدان الرئيسية مثل مصر والسعودية والإمارات، ومن ثم نُقدم توقعات حول الوضع المتوقع في المستقبل القريب.

كانت التأثيرات الأولية للوباء موجودة في قطاع السياحة، حيث شهد هذا القطاع انخفاضًا حادًا بسبب قيود السفر وإغلاق الحدود. وفي السعودية، مثلاً، تأثرت البلاد بشدة بسبب تراجع إيراداتها النفطية بالإضافة إلى خسائر هائلة في عائداتها السياحية. فقدان الوظائف كان أحد العواقب الأكثر أهمية لهذه الأزمة؛ ففي مصر، وفقًا لتقرير البنك الدولي، قد تضرر أكثر من ثلث قوة العمل بسبب الخسائر الناجمة عن الجائحة. كما زادت معدلات البطالة بين الشباب بشكل خاص.

من ناحية أخرى، قدمت الحكومات الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم لمنع الإفلاس الواسع النطاق. ووفرت الإمارات خطوط ائتمانية بقيمة خمسين مليار درهم لدعم الشركات المتضررة خلال فترة الكساد الاقتصادي. وبالمثل، قامت الحكومة المصرية بتقديم حزم تحفيز مالية تشمل تخفيف الرسوم والضرائب، وتمويل مشاريع جديدة لإنعاش السوق المحلي.

بالنظر إلى التوقعات المستقبلية، يتوقع خبراء الاقتصاد استعادة نمو بطيئة ولكن ثابتة بعد انتهاء الجائحة مباشرة. ومع ذلك، فإن التعافي سيعتمد بشكل كبير على مدى سرعة تطوير لقاح فعال وعامله بشكل عالمي. إن زيادة الاستثمار العام في الرعاية الصحية والبنية الأساسية قد تعزز القدرة التنافسية طويلة المدى للاقتصادات العربية. ويجب النظر أيضًا في العلاقة المعقدة بين الصحة العامة والاستقرار الاجتماعي والأثر المحتمل لكل منهما على البيئة التجارية.

وفي الختام، ستترك جائحة كورونا بصمة عميقة على مسارات النمو الاقتصادي للدول العربية لفترة تمتد لأكثر من عقد قادمة. وستكون هناك حاجة إلى سياسات فعالة واستراتيجيات مرنة للتكيف مع هذا الواقع الجديد وضمان قدر أكبر من المرونة في المواجهة المقبلة للأزمات.


عبد البر المقراني

9 مدونة المشاركات

التعليقات