في تطور مثير للاهتمام في عالم العلوم البيولوجية، قام فريق بحث دولي بقيادة البروفيسور جون سميث بدراسة متعمقة ودقيقة حول القدرات المعرفية للحيتان والدلافين. هذه الدراسة الحديثة، التي نُشرت أخيراً في مجلة "علم الأعصاب"، تعمق فهمنا للوظائف الإدراكية المتطورة لدى الثدييات البحرية.
تستخدم الحيتان والدلافين نظاماً عصبياً فريداً يسمح لها بالتنقل عبر المياه بكفاءة وتواصل مع بعضها البعض باستخدام أصوات تحت الماء المعروفة باسم "الكلام الصوتي". لكن ما يثير الاهتمام حقاً هي القدرة الفائقة لهذه الحيوانات على التعلم والمعرفة المكانية الاستثنائية. البحث الحالي يدعم فكرة أن كلاً من الذكاء الاجتماعي والتكيف البيئي قد أدى إلى تطوير بنية دماغية ومعرفية غير عادية.
أظهر التحليل التشريحي للدماغ كيف أن مناطق معينة مرتبطة بالتخطيط الاستراتيجي وحل المشكلات أكبر بكثير مما كانت متوقعة بناءً على حجم الجسم. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك زيادة كبيرة في عدد الخلايا العصبية الطافية - وهي خلايا تعمل كنظام تخزين ذاكرة طويل المدى. هذه النتيجة تشير إلى قدرة هائلة على حفظ البيانات ومعالجتها بسرعة وكفاءة.
الدور الآخر الذي تلعب فيه الوظيفة الإدراكية المتقدمة واضح جدا في سلوك التواصل بين الأنواع المختلفة داخل مجتمع الحيوان البحري الواسع. يستخدمون مجموعة واسعة من الأصوات لإرسال رسائل تتعلق بالأمان والموقع والموارد الغذائية وغيرها الكثير. وهذا النوع من الاتصال يعكس درجة عالية من التفكير الجمعي والاستخبارات الجماعية.
وفي نهاية المطاف، تقدم هذه الدراسات رؤى قيمة حول كيفية تأثير الظروف البيئية والعوامل الاجتماعية على نمو الدماغ وظهور السمات السلوكية المعقدة. إنها ليست فقط رحلة نحو فهم أفضل للحياة البرية ولكن أيضاً خطوة مهمة نحو تحقيق تقدّم أكبر في مجال علوم الأعصاب البشرية وعلم النفس العقلي.
هذه الاكتشافات الجديدة تُعيد صياغة النظرية التقليدية بأن ذكاء الإنسان هو الأكثر تعقيدا بين جميع الكائنات الحية، مما يحفز المزيد من الاستفسار والبحث المستقبلي.