- صاحب المنشور: هادية بن يوسف
ملخص النقاش:
شهد العالم تحولات غير مسبوقة مع تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، مما أحدث تداعيات خطيرة على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. لقد أثرت الجائحة بشدة على الأنظمة الصحية العالمية وألحقت ضرراً بالغا بالمجتمعات المحلية والمؤسسات الصغيرة والكبيرة alike. ومن منظور اقتصادي، فقد خلفت هذه الكارثة عواقب بعيدة المدى تتطلب استراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات الحالية وتوقعات مستقبلية أكثر تفاؤلاً.
تناولت العديد من الدراسات تأثير الوباء بشكل مباشر على قطاعات الإنتاج والاستهلاك والتجارة الدولية؛ حيث أدّى إلى انخفاض حادٍّ في الطلب نتيجة قيود السفر والإغلاقات الحكومية لمنع انتشار الفيروس. كما تأثرت الأسواق المالية بشكل كبير وانخفضت معدلات الاستثمار بسبب المخاوف بشأن الثبات الاقتصادي قصير وطويل المدى.
بالإضافة لذلك، فإن فرض إجراءات الحجر الصحي اجبر شريحة كبيرة من القوى العاملة حول العالم على العمل من المنزل أو فقدان وظائفهم تمامًا بسبب الظروف التي فرضتها الجائحة. هذا الوضع خلق تحدياً جديداً يتمثل بأزمة البطالة المتفاقمة والتي تشكل عبئاً ثقيلاً على الاقتصادات الوطنية والدولية كذلك.
في المقابل، ظهرت فرصة للتحول الرقمي الذي أصبح أمر واقع خلال فترة الجائحة. فالكثير من الشركات اضطرت للتكيُّف بسرعة عبر اعتماد حلول رقمية لتحقيق التواصل بين العمال ومواصلة عملياتها التجارية. وقد أدى ذلك أيضاً لظهور نماذج أعمال جديدة مبنية أساساً على الإنترنت مثل التجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية الأخرى مما قد يقود لتوجهات عالمية جديدة بعد انتهاء الأزمة مباشرة.
لتجاوز آثار هذه الفترة الحرجة ينبغي تطوير سياسات داعمة تستهدف دعم المؤسسات والشركات متناهية الصغر والصغيرة والكبيرة لضمان بقائها وانتعاشها مرة أخرى. ويتعين عليها التركيز أيضًا على زيادة الإنفاق العام وتعزيز قدرة القطاعات المنتجة الرئيسية كالزراعة والصناعة والفلاحة وغيرها للحفاظ على الأمن الغذائي وضمان استمرارية توريد المواد الخام الضرورية لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة.
من الناحية الفنية، يمكن للدول الاستفادة من خبرات الماضي والاستعداد للأزمات المحتملة باستخدام نظم معلومات صحية موحدة تمكن السلطات من الرصد المبكر لأي أمراض محتملة أو مخاطر محتملة مستقبلاً. وفي الوقت نفسه يجب وضع برامج فعالة لمساعدة الأفراد والأسر الذين يتعرضون لفقدان الدخل بسبب الظروف غير المتوقعة. إن تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي يشجع على سرعة التعافي ويقلل نسبة الفقر ضمن المجتمعات المختلفة.
وفي حين تبقى الأمور غامضة حول توقيت نهاية الجائحة، إلا أنه بات واضحًا أن الاقتصاد العالمي بحاجة ماسّة لمجموعة شاملة ومتكاملة من التدابير لدعم مرحلة الانتقال نحو نموذج جديد أكثر مرونة وقدرة أكبر على مواجهة الأحداث المفاجئة والعابرة. وهنا تكمن أهمية توحيد جهود المنظمات الدولية والخبراء ووضع بروتوكولات عمل مشتركة تساهم جنباً إلى جنب مع السياسات الوطنيّة بخلق بيئة محفزة للاستقرار الاقتصادي وتمكين جميع الدول المتأثّرة بإيجاد الحلول المناسبة لحالتها الخاصة.