أصبحت العلاقة المترابطة بين صحتنا وحالة بيئتنا موضوعاً حاسماً في القرن الحادي والعشرين. تعمل البيئات غير النظيفة والملوثة بشكل مباشر وغير مباشر على زيادة خطر التعرض لمجموعة متنوعة من الأمراض والإصابات. سوف نستكشف هنا التفاصيل الدقيقة لهذه الروابط ونقدم رؤى متعمقة عن كيفية تأثير الجوانب المختلفة للبيئة - مثل تلوث الهواء، والتغيرات المناخية، وتدهور التربة والماء - على صحتنا العامة.
تلوث الهواء وصحة الرئة
واحدة من أكثر القضايا إلحاحا هي مشكلة تلوث الهواء. تقدر منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب سبع مليارات شخص يعيشون في مناطق بها مستويات سامة من جسيمات PM2.5 (جزيئات أصغر حجمها أقل من قطر شعرة الإنسان). هذه الجسيمات يمكن أن تخترق الجهاز التنفسي وحتى الوصول إلى الدم مسببة أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات الدماغية وأنواع مختلفة من السرطان بالإضافة لأمراض مزمنة أخرى كمرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) وألزهايمر.
التغير المناخي وأوبئة الأمراض المعدية
ويتسبب تغير المناخ أيضًا بمشاكل صحية كبيرة. فمع ارتفاع درجات الحرارة، تتوسع المناطق التي تسمح بنمو البراغيث والقراد والحشرات الأخرى الناقلة للأمراض. وقد أدّت هذه الظاهرة بالفعل لتزايد الإصابة بالملاريا وفيروس زيكا وفيروس غرب النيل. علاوة على ذلك، فإن الفيضانات والجفاف المرتبطين بالتغير المناخي يوفران ظروف مثالية لنقل الأمراض المنقولة عبر المياه والطعام مما يؤدي بدوره للإسهال والكوليرا والدفتيريا وغيرها من العدوى الخطيرة.
تأثير تلوث الماء على الصحة البشرية
كما يعد تلوث المياه مصدر قلق كبير آخر. يحدث هذا عندما يتم تصريف المواد الصناعية أو الزراعية أو البلدية إلى الأنهار والبحيرات والمحيطات بدون معالجة مناسبة. تحتوي مياه الشرب الملوثة غالبًا على بكتيريا وفايروسات ومعادن ثقيلة ومواد كيميائية سامة والتي عند استهلاكها قد تؤدي لإحداث اختلالات هرمونية وقصور الغدة الدرقية وفقر دم وخلافه من المشكلات الصحية.
دور تدهور التربة في الأمن الغذائي الصحي
وأخيرا، تلعب حالة التربة دوراً أساسياً في سلامتنا الغذائية وبالتالي لصحتنا. إذ إن فقدان المغذيات بسبب الزراعة المكثفة والاستخدام المفرط للمخصبات الكيماوية له آثار طويلة المدى على إنتاج المحاصيل وجودتها وانتشار الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي كالسرطان والسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية.
بهذا القدر من التحليل العلمي والتفصيل, يتضح مدى ارتباط صحتنا بالإدارة المستدامة لأنظمتنا الطبيعية وكيف يجب علينا جميعا العمل نحو تحقيق توازن أكثر عدلاً وبشكل أخضر لحماية محيط حياتنا ولنفسنا أيضا.