ارتبطت أسماء أشهر التقويم الهجري ارتباطًا وثيقًا بالتاريخ والتقاليد العربية القديمة. فقد استخدم العرب قبل الإسلام أسماء مختلفة لهذه الأشهر القمرية، والتي تطورت وأصبحت موحدة في جميع أنحاء الوطن العربي خلال فترة متأخرة نسبياً، حوالي نهاية القرن الخامس الميلادي، أثناء عصر كلاب - جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
اسم "محرم" مشتق من تحريمه للحروب والسفر بين قبائل العرب، حيث كانوا يحترمونه ويستعملونه كشهرا مباركا. أما شهر "صفر"، فهو كذلك نسبةً لبداية السنة الجديدة عندما تشرد أفراد القبيلة عن مساكنهم بسبب الحروب والسفر. بينما يأتي اسم "ربيع الأوّل" و"ربيع الآخر" للإشارة إلى اعتياد العرب البقاء في دورهم واستقرارهم خلال فصل الربيع.
وتعود تسمية "جمادى الأولى" و"جمادى الآخرة" لتجمد الماء فيها نتيجة برودة الطقس، مما يجعلها شهراً هامشيًا غير قابل للتغيير وفقاً لعادات حساب عمرانية قديمة. وبالمثل، فإن سبب تسمية "رجَب" يعود لتعظيم العرب له وتقديسه لحماية النفس منه، وهو ما ينطبق أيضا على تسمية شعبان بتشعّب القبائل وانفضاحها خارج قراها بحثًا عن غنائم الحرب ورعايتها.
وعلى ذات المنوال، جاءت تسميات رمضان بشدة الحر والجفاف ("رمضاء")، وشوال لشعل الإبل آذانها بسبب شدة حرارتهما عند الشمس. وفي المقابل، تدفع طبيعة العيش البدوية والعسكريات للعرب بأن يسموا ذي القعدة وقدرهما بحكم جلوسهم فيه عن الخروج للغزو وسفر الرحلات. أخيرا وليس آخرا، تُطلق مصطلحات مثل "الحجة والحاج" باعتبار أنها الفترة المخصصة لأداء مناسك فريضة الحج السنوية للمسلمين حول العالم.
وهكذا، ترتكز معاني ودلالة كل شهر عربي تقليدي عميقة بشكل خاص في ثقافة وعادات سكان الصحراء الذين طبع طبائع الحياة البربرية عليهم حياتهم اليومية بما يشمل أيام السنة المختلفة بالأمس كما هي الآن عبر قرون عديدة مضت ولم تعد تراها عين إلا مجرد ذاكرة مكتوبة فقط!
