كان يا مكان وفي مدينة على جسرها بضع اضاءت تفسد سطوة الظلمة على الطرقات .. كان يجر خطاه على مهل ولم يلتفت للوراء مذ خرج من بيته ..
كما لم يلفت انتباهه ما يجعله يغير تعابير وجه ، وكان ذلك سبب كاف بالنسبة إليه لأن يقطع تلك المسافة الطويلة دون شعور بأية تعب ..
السيارات المارة .. الأصوات التي تركها خلفه ..
السراب الذي يراه ولم يصله بعد ..
الهواء الساكن والقريب شبهًا بروحه في الأونة الأخيرة ..
سلسلة من الأحداث التي تجنب الإصغاء لها بأحاسيسه عمدًا ..
سيجارة تتلف وأخرى تزاول حياتها بين أصابعه وسرعان ما تلقى حتفها لشراهته بإنهاك جسده كما هي روحه منهكة ..
وقف في منتصف الجسر، تاركًا العالم خلفه والنهر أمامه .. وسطوع القمر منعكسًا على امتداده لولا وجود القوارب التي تفسد اللوحة الكاملة للسماء المزيفة على سطح النهر ..
بنظراته غير المكترثة بشأن أي شيء أتم مزاولة التأمل .. دقائق ليست طويلة جعلت ملامحه تتبدل للأريحية أكثر ..
سحب نفسًا عميقًا وما أن زفره حتى لاحت في ذاكرته إحدى لقطات المسلسلات الكرتونية حين يزفر تنينًا ويحرق كل ما هو كائن أمامه، ولو تحول لتنين هذه اللحظة لجف النهر مما سيزفره ..
تناقضات كثيرة يعيشه بلحظاته وهذا ما جعل وجهه يتجهم..
بصوت لا يسمعه سواه:
ليس غريبًاأن أصل لمكان بعيد دون شعور بالتعب؛الغريب أن لا شيء ملفتًا لانتباهي مذ ثلاث ساعات..
فهل ماتت الحياة في أرواح الكثير أم أصبحت شحيحة على أهلها..؟!