- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:تواجه البلدان حول العالم تحدياً كبيراً يتعلق بتنفيذ سياسات اقتصادية مستدامة تحافظ على الاستقرار وتدعم النمو في الوقت نفسه. هذا التحدي يصبح أكثر تعقيداً عندما نتطرق إلى موضوع "النمو الأخضر"، وهو المصطلح الذي يشير إلى العملية التي تسعى لتحقيق نمو اقتصادي مع الحفاظ على البيئة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة.
من جهة، يعتبر الاستقرار الاقتصادي ضرورياً لتوفير الرخاء للمجتمع وتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد. وهذا يعني الحفاظ على معدلات تضخم مستقرة، خلق فرص عمل، ومنع الأزمات المالية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف غالباً ما يؤدي إلى زيادة استهلاك الوقود الأحفوري والموارد الطبيعية الأخرى، مما يساهم في تغير المناخ والتلوث.
ممكنات النمو الأخضر
في المقابل، يمكن للنمو الأخضر أن يقدم مجموعة من الفوائد المحتملة. فهو يعزز استخدام التقنيات الخضراء مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويحفز الابتكار والاستثمار في القطاعات الصديقة للبيئة. كما أنه ينشئ فرص عمل جديدة ويتيح الفرصة لتنويع الاقتصادات بعيدا عن الاعتماد الشديد على الوقود الأحفوري. ولكن التنفيذ الناجع لهذه الإستراتيجية يتطلب تحولات كبيرة في السياسات الحكومية، والبنية التحتية، والعادات الاستهلاكية.
التحديات أمام تحقيق التوازن
لكن الطريق نحو هذا التوازن ليس سهلاً. هناك العديد من العقبات التي يجب تجاوزها. اولها قد تكون تكلفة التحول الأولية مرتفعة، حيث تحتاج الدول للاستثمار بكثافة في البنية التحتية الجديدة، ربما تؤثر بعض هذه القرارات على المدى القصير على جانب الاستقرار الاقتصادي. بالإضافة لذلك، هناك مقاومة محتملة من شركات النفط والبنية الموجودة حاليًا والتي تعتبر أكبر المساهمين في الاقتصاد القائم حالياً.
وفي حين يمكن للحكومات تقديم حوافز وتوجيه الطلب، إلا أنها تقع تحت ضغط للتوسع الاقتصادي المستمر وبالتالي التساهل في تطبيق قوانين الحد من الانبعاثات أو حتى تقليل الضرائب على الوقود الاحفوري. وهنا يأتي دور المجتمع المدني والشركاء الدوليين في دعم الجهود المحلية ونشر أفضل الممارسات العالمية.
في النهاية، يُظهر طريق التوازن بين الاستقرار الاقتصادي والنمو الأخضر أنه رحلة طويلة المعابر تتطلب جهدًا مشتركًا من كافة أفراد المجتمع والحكومة والدوائر الدولية. إن القدرة على إدارة هذا التوازن ستكون عاملاً رئيسيًا في تحديد نجاح أي دولة في مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين.