معلومة

وتحليل

وملاحظة.

#ثريد

في المعلومات، يتصرّف أطراف المحور على أن الحرب واقعةٌ لا محالة، ويتجهزون لهذا السيناريو بكل احتمالاته، من أيام القتال المعدودة وصولاً إلى الحرب الشاملة في المنطقة.

وفيها أيضاً أن الأميركيين يحاولون بالفعل الوصول إلى وقف النار، لكن على حساب تنازلات من المحور، ومن خلال استغلال خطوات نتنياهو الأخيرة وحملتهم العسكرية الكبرى والدعائية على المنطقة.

وفي المعلومات أيضاً أن لا استعداد لتقديم أي تنازلات للأميركيين أو تصورات عن طبيعة الرد، باستثناء فرصة غير معلنة من الأيام السابقة للرد، على أن يبرهن خلالها الأميركيون جدّيتهم في فرض الحل على نتنياهو، الذي لازال يمنّي النفس بحرب أميركية في المنطقة.

ماذا في التحليل؟

ان ظروف إنتاج الحل لم تنضج بعد بصورةٍ كاملة، في حين إن صورة الحرب الكبرى التي يتم التهديد بها والأساطيل المدججة، هي صورةٌ مفتعلة وغير حقيقية.

الديموقراطيون لا يزالون في الحكم في أميركا، وهم يجهدون للفوز في نوفمبر المقبل.

الروس قد يصعّدون مستوى ضغطهم على الجبهة في أوكرانيا، وهو ما سيضع الديموقراطيين تحت أعباء شديدة في الانتخابات، وما قد يسهم في خسارتهم. للروس مصلحة في ذلك، كون استراتيجية ترامب مختلفة حيال أوكرانيا والناتو والعلاقة مع الحلفاء الأوروبيين، ومع روسيا أيضاً.

مشكلة هؤلاء الآن أن أوكرانيا تقترب بسرعة من الانهيار كدولة، والدفاع عنها يتطلب حرباً عالمية من قبل واشنطن والحلفاء الغربيين.

في الوقت نفسه لنتنياهو مصلحة أيضاً بالضغط على الديموقراطيين، والتملّص من اي اتفاق لوقف إطلاق النار. كلما اقتربت الانتخابات.

في المقلب الآخر، لإيران مصلحة بعدم فوز ترامب، وتسهيل مهمة الديموقراطيين في الحل، إذا صدق هؤلاء في إجبار نتنياهو على وقف النار.

الأمر يتوقف الآن على خيار الديموقراطيين في أميركا، بين حليفٍ يبتزّهم وخصم يحاول توسيع مأزقهم من جهة (إسرائيل وروسيا)، وبين خصومٍ آخرين مهتمون بمساعدتهم على إيقاف الحرب من جهةٍ أخرى (إيران وحزب الله)، لكنهم فقدوا الثقة بقدرتهم على إدارة المصالح في المنطقة من دون الرضوخ لابتزاز نتنياهو.

لن تستطيع الولايات المتحدة دخول حربٍ كبرى في المنطقة الآن، وإلا عُدّ ذلك تهوراً يصل حد المخاطرة الجنونية التي ستدخلهم في نفقٍ مظلم في المنطقة، يخرجون منه بعد سنوات ليجدوا الجميع يتحدث الصينية.

إنضاج ظروف الحل ممكنٌ خلال الأيام المتبقية قبل 15 آب. لكنه يتطلب منع واشنطن نتنياهو من تخريب الحل، وهي أيامٌ خطرة سوف يحاول خلالها القيام باستفزازاتٍ غير مشابهة لما جرى في اغتيال هنية وشكر، لكنها تظهر من ضمن سياق حرب الإبادة نفسها، تماماً كما فعل الليلة الماضية بقصف مدرسةٍ على رؤوس النازحين في مدرسة التابعين بغزة، فقتل منهم 100 شهيدٍ لكلٍ منهم روح وحياة وأهل وأحلام.

سيتطلب الأمر بعض الوقت، ربما يتأخر خلالها الرد، لكن الحل سيصل قريباً بصيغةٍ ضبابية ومبتكرة، لكنه الأسابيع اللاحقة ستظهر معانيه الكامنة للتي ساقضي على مستقبل نتنياهو السياسي.

تبقى هناك ملاحظة>>

الملاحظة: صدر البيان الأميركي-المصري-القطري قبل أسبوعٍ كامل من تاريخ 15 آب. وهو يتحدث عن استئناف المفاوضات، لا عن بدء سريان الاتفاق فيما لو حصل، وخلال هذا الوقت يتم الضغط باستماتة على قوى المحور حتى لا تقصف إسرائيل، بينما تقوم هذه الأخيرة بمتابعة المجازر اليومية، كأعمالٍ يومية عادية.

يصل الجنود الإسرائيليون إلى عملهم، يختارون مخيم النازحين الذي سيبيدون أهله اليوم، ثم ينفذون مجزرةً تقتل 100 أو 200 أو أي عددٍ آخر، فكل شيءٍ مقبول عربياً وأميركياً وعالمياً. لكن الرد على إسرائيل بهجومٍ أو بمسيّرة أو بالتهديد حتى، فإنه يتطلب حضور أساطيل العالم.

هذا ليس بكاءً على طلل، لكنه إنما إظهار لمستقبل آثار الجريمة الإسرائيلية على مستقبل النظام الدولي. نتنياهو أغرق الإمبراطورية الأميركية بالفعل على المدى الطويل، ويسعى إلى إغراقها في حربٍ مباشرة لينقذ نفسه.

القوة العالمية التي تفعل ذلك كله، لا يمكن لها امتلاك الأحقية الأخلاقية في قيادة أي شيء، وهي لا بد عرضة للإزاحة من قبل قوى تجمع قوى أكثر تكاملاً، ومنها البعد الأخلاقي. مع علمنا بأن ما يحرك الأحداث في العلاقات الدولية ليس الأخلاق بالدرجة الأولى، لكن أيضاً لا يمكن لقوة غير أخلاقية أن تواصل الهيمنة على المدى البعيد، وهذا ما أثبتته العقود الأخيرة، إذ بدأ انهيار الهيمنة الأحادية الأميركية بعد نحو عقدين فقط من بدايتها (1990-2008).

ماذا عن الأسبوع المقبل؟