- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
التغير المناخي يمثل تحدياً عالمياً شاملاً يؤثر بشكل كبير على مختلف جوانب الحياة البشرية. ومن بين هذه التأثيرات العميقة التي تلقي بظلالها الخطيرة على المجتمع البشري تأثيراً مباشراً هو الضغط المتزايد الذي يتعرض له الأمن الغذائي العالمي. هذا الشأن ليس مجرد قضية بيئية بل هو أيضاً مسألة تتعلق بالسلام والأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلدان حول العالم.
فيما يلي نظرة تفصيلية لتداعيات التغير المناخي على الأمن الغذائي العالمي:
الأضرار المباشرة للنظم الزراعية
- نقص الغذاء بسبب تقلب الظروف الجوية: أدى تغير المناخ إلى زيادة حدة التقلبات الطقسية مثل الفيضانات والجفاف والعواصف القاسية والتي تؤدي إلى تدمير المحاصيل وإلحاق خسائر فادحة بالأراضي الزراعية. وفقا لدراسة نشرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة بنسبة 2 درجة مئوية فوق مستويات القرن الثامن عشر إلى انخفاض إنتاجية محاصيل الحبوب الأساسية بمعدل يصل إلى ٢٥٪ بحلول عام ٢٠٨۰. ويُقدر أنه قد يُهدَد توافر الطعام لأكثر من ١۰۰ مليون شخص نتيجة لهذا الانخفاض في الإنتاجية وحدها.
- اختفاء أنواع معينة من المحاصيل: بعض أصناف النباتات الأكثر مقاومة للجفاف والحرارة المرتفعة تموت بسرعة تحت تأثير ظروف المناخ الجديدة الصعبة مما يعرض تلك الأصناف لخطر الاختفاء الدائم. وهذا الأمر يحرمنا من مجموعة واسعة ومتنوعة من الخيارات الغذائية. كما يشكل تهديدا لكثير من الثقافات والتقاليد الغذائية القديمة المعتمدة على زراعة وتجهيز منتجات محلية خاصة.
- زيادة تكلفة الإنتاج: يستوجب التعامل مع تأثيرات الكوارث الطبيعية غالباً إنفاقاً مالياً إضافياً لإصلاح وصيانة المعدات المستخدمة أثناء عملية الإنتاج. بالإضافة لذلك فإن اعتماد حلول مكافحة الآفات والممارسات الرعوية الحديثة يتطلب استثمارًا طويل المدى للحفاظ على جودة الأرض والإنتاجيتها. كل ذلك يساهم في جعل عمليات الانتاج أقل ربحية وبالتالي أكثر عرضة للتوقف المفاجئ عند حدوث أي اضطراب آخر.
التداعيات غير المباشرة
- ارتفاع معدلات الفقر: عندما تصبح كميات المواد الغذائية المنتجة أقل بكثير من حاجة سكان البلاد، تبدأ أسعار المواد الغذائية في الارتفاع. ويؤدي هذا إلى خلق موجات جديدة من الفقر حيث يكافح الأفراد للحصول على احتياجاتهم الأساسية وأساسهم اليومي وهو الطعام. وجهت العديد من المنظمات الدولية انتباهها نحو خطر المجاعة الذي هدّد ملايين الأشخاص خلال السنوات الأخيرة بشكل خاص بالعراق والصومال وجنوب السودان وغيرها.
- تهجير السكان: قد تجبر حالات عدم الاستقرار السياسي والقضاء على موارد عيش الناس المواطنين على الرحيل بحثا عن مكان أكثر أمنا واستدامة للعيش فيه. وقد اتضح لنا مؤخرا صدقية مخاوف الهجرة الناجمة مباشرة عن آثار تغير المناخ إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة بأن عدد هؤلاء المشردين قد يصل إلى مليار نسمة حتى العام ٢١۰۰ إذا ظل الوضع الحالي بدون تغيير.
- ضعف الشبكات العالمية للدعم الغذائي: تعتمد الدول الفقيرة بشدة على التجارة الدولية لنقل المساعدات الإنسانية أو شراء الاحتياجات الأساسية للمجتمع المحلي منها. لكن اختلال نظام السوق العالمي واحتمالية حدوث انهيار مفاجئ للإمدادات الخارجية يعني فقدان كلا المصدرين الرئيسيين للغذاء بالنسبة لهذه الدول.
- التأثير السلبي على الصحة العامة: علاوة على نقص الطاقة الغذائية، هناك ارتباط وثيق بين انتشار الأمراض والسلوكيات الصحية السيئة وانخفاض نوعية المياه والمرافق البيئية الأخرى ونتائج متسلسلة خط