التدخل العسكري الأمريكي: بين الحرب على الإرهاب واستدامة الصراع

في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، شهد العالم تحولاً استراتيجياً كبيراً مع قرار الولايات المتحدة بالتدخل عسكرياً تحت راية "الحرب على الإرها

  • صاحب المنشور: عبدالناصر البصري

    ملخص النقاش:
    في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، شهد العالم تحولاً استراتيجياً كبيراً مع قرار الولايات المتحدة بالتدخل عسكرياً تحت راية "الحرب على الإرهاب". هذه السياسة التي أدت إلى غزو أفغانستان والعراق وغيرها من البلدان، أثارت جدلاً واسعاً حول فعالية هذا النهج. بينما يرى البعض أنها ضرورية لتأمين الأمن القومي الأمريكي والقضاء على التهديد الوجودي الذي يشكله الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وداعش، يُعارض آخرون بشدة مُسلِّطين الضوء على الآثار الجانبية الكارثية لهذه العمليات والتي تشمل زيادة عدم الاستقرار السياسي، تفاقم الظلم الاجتماعي والإنساني، وتوسيع نطاق الإرهاب نفسه.

الفوائد المزعومة: الأمان والاستقرار العالمي؟

يشدد مؤيدو التدخل العسكري الأمريكي أنه يساعد في تحقيق السلام والأمن الدوليين من خلال الحد من انتشار النفوذ الإرهابي الدولي ونشر الديمقراطية. ولكن، الواقع يبين لنا عكس ذلك تمامًا؛ حيث أدى الغزو الأمريكي للعراق مثلاُ إلى فوضى سياسية حادة، ظهور قوة داعش الرئيسية، وتدمير البنية التحتية للدولة العراقية. بالإضافة لذلك ، فإن تركيز الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب قد أدى أيضاً إلى تجاهل قضايا أخرى مهمة مثل حقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة.

تكلفة الحياة البشرية والاقتصادية

تكلفة الحملات العسكرية الأمريكية باهظة بكل المقاييس - سواء كانت مادية أو بشرية. فقد تسببت هذه الحملات بأزمة اقتصادية كبيرة داخل الولايات المتحدة نفسها نتيجة الإنفاق الكبير عليها . أما بالنسبة للأرواح فقد قتل العديد غير المباشر منهم بسبب أعمال العنف المرتبطة بهذه الحرب وفقا للتقديرات المختلفة. وفي حين تدعي الحكومات المحلية خروج القوات الأجنبية لتحقيق الاستقلال الوطني، إلا أن الواقع يكشف عموما عن حالة دائرة مستمرة من الحرب والعنف مما يعيق أي فرص للحصول على سلام دائم ومستقر.

تأثير طويل المدى على المنطقة والعالم

إن التداعيات طويلة المدى للعمليات العسكرية الخارجية تتجاوز مجرد الحدود الوطنية مباشرة للمناطق المستهدفة. إنها تؤثر أيضا على العلاقات الدولية والثقة بين الدول. وقد أصبح عدد متزايد من الأفراد والشركات يفكر مرتين قبل القيام باستثمارات دولية due to the risk of military conflict. كما زاد الشعور بالاستياء والخوف لدى المواطنين العرب وبقية سكان الشرق الأوسط الذين شعروا بأن بلدانهم تُستخدم كمواقع لصنع السياسات دون أخذ آرائهم بعين الاعتبار.

هل هناك حلول بديلة؟

بدلاً من الاعتماد حصرياً على الحل العسكري، يمكن النظر إلى نهج أكثر شمولية يتضمن جهود ديبلوماسيه مشتركة، تعاون ثقافي واقتصادي لمواجهة جذور المشكلة وهي الفقر والجوع وانعدام الفرص الاقتصادية التي تعد أرض خصبة لنشوء التطرف. ومن الأمثلة الحديثة لهذا النوع الجديد من الحروب هو برنامج التجارة الحرة TIFA الذي تم توقيع اتفاقيتي منه مع مصر وتونس منذ عقد تقريبا. برغم كل انتقاداتهما إلا إنهما خطوات نحو بناء جسور الثقة وتعزيز الروابط التجارية الثقافية التي تساهم بطرد بذور الفتن السياسية والدينية.

وفي النهاية، يبدو واضحا أن الصراع ضد الإرهاب ليس بالأمر بسيط ولا يمكن التعامل معه عبر استخدام القوة وحدها. إن فهم التاريخ والتقاليد المحلية لهؤلاء الناس وكيف يمكن لدينا العمل جنباً إلي جنب مع المجتمعات العالمية الأخرى للقضاء علي اسباب الفوارق الاجتماعية بكل أشكالها ستكون مفتاح الطريق لحاضر أفضل وأكثر أمنا لكل الشعوب بلا استثناء.


أشرف بن زروق

8 مدونة المشاركات

التعليقات