- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
مع تزايد اعتمادنا على التقنيات الرقمية في حياتنا اليومية، ظهرت مجموعة جديدة من التحديات التي أثرت بشكل كبير على العلاقة بين الأفراد. إن ظهور التكنولوجيات المتطورة مثل الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)، بينما يوفر تجارب غامرة ومتفاعلة، إلا أنه قد أدى أيضاً إلى تعزيز الانعزال الاجتماعي وتغيير الطريقة التي نتواصل بها مع بعضنا البعض. هذه الأنظمة الرقمية الجديدة تقدم فرصة للتفاعل العالمي الفوري عبر الحدود الجغرافية، ولكنها في الوقت ذاته يمكن أن تقوض الروابط الشخصية والتواصل الحميم الذي هو أساس المجتمع البشري.
في البيئات الافتراضية، ينغمس المستخدمون في عالم مصطنع يتم تحكمه بالكامل بواسطة البرمجيات والأجهزة الذكية. هنا، يصبح بإمكانهم تشكيل شخصيتهم الخاصة أو استخدام شخصية من اختيارهم، مما يسمح لهم بالتعبير عن جوانب مختلفة من هويتهم بطرق ربما تكون مستحيلة في العالم الحقيقي. هذا القدر الجديد من الحرية الذاتية يُعد جانبًا إيجابيًا واضحًا لهذه التقنية؛ حيث يمكن للأفراد استكشاف أفكارهم وأدوارهم الاجتماعية بدون قيود اجتماعية واقعية.
غير أنه مقابل ذلك، هناك مخاطر مرتبطة بهذه المساحة ذات الحدود غير الواضحة. فقد يؤدي التحول المستمر داخل وخارج هذه الكتل الرقمية إلى نوع جديد من الاعتماد النفسي. "الإدمان الرقمي" ليس مجرد حالة تتعلق باستخدام الإنترنت لفترات طويلة - بل يتضمن أيضًا كيفية تأثير البيانات والأيقونات والإشارات المؤقتة الأخرى التي تصبح جزءا أساسيا من الحياة اليومية. هذا النوع من الإدمان يمكن أن يشوش الشعور بالأولويات ويقلل من التركيز على التجارب الواقعية والحياة خارج الشاشة.
بالإضافة لذلك، فإن توفير الكثير من المعلومات والمعرفة بشكل رقمي يصرف الانتباه بعيدا عن التعلم الثقافي والحكمة التقليدية المكتسبة عبر التجربة الحياتية المشتركة والمجتمعية. كما أن هذه الأدوات الحديثة تخلق حاجزا بين الأشخاص الذين يجلسون بالقرب لكنهم مشغولين بمراقبة الشاشات أكثر منهم بالتفاعل الشخصي. وقد رأينا كيف أصبحت العديد من المناسبات الاجتماعية تعتمد بكثافة على وسائل الإعلام الاجتماعية لإقامة التواصل، حتى لو كان الحضور حاضر العين غائب القلب بسبب انشغال الجميع بأجهزتهم الخاصة.
لا يعني كل ذلك رفض الثورة الرقمية تماماً، فالابتكارات العلمية دائماً تحمل جوهر الخير قبل الشر. الحل يكمن في توازن عاقل واستخدام مدروس لتلك التقنيات. يجب تشجيع الاستخدام المسؤول للمعلومات والتقنيات الرقمية بهدف تحقيق فوائد أكبر للحياة الإنسانية. وهذا يتطلب جهود جماعية من الحكومات والشركات والأسرة والمؤسسات التعليمية لتحقيق قدر مناسب من الوعي حول الآثار المحتملة للعلاقات الرقمية وضبط مسار تطويرها وفقاً لأفضل الممارسات الأخلاقية والقانونية العالمية.
إن فهم دور التكنولوجيا في مجتمعنا الحالي أمر ضروري لاستدامتها كأداة مفيدة تساند الإنسان وليس سيطره عليه. فعلى الرغم من أنها توفر فرص رائعة للتعلم والتواصل العالمي، إلا أنها تحتاج أيضا لأن تتم صياغة قواعد واضحة لحماية سلامة الأفراد ومصلحة المجتمع العام.