كيف تدبر الأمور بين السماء والأرض حسب القرآن الكريم؟

يوضح القرآن الكريم في الآية "يُدَبّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ" كيف يقوم الله بتسيير أموره الكونية والدنيوية. ومعنى هذا التدبير ليس أ

يوضح القرآن الكريم في الآية "يُدَبّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ" كيف يقوم الله بتسيير أموره الكونية والدنيوية. ومعنى هذا التدبير ليس أن الله ينتظر عودة الملائكة ليخبره بنتائج تصرفاته على الأرض، كما قد يوحي بعض التفسير السطحي. بدلاً من ذلك، فإن تدبير الله للأمور يستند إلى معرفته الشاملة والبصرية التي تشمل كل شيء، سواء كان ظاهرًا أو مخفيًا.

الإسلام يؤمن بأن الله عالم الغيب والشهادة والعزيز الرحيم، مما يعني أنه يعرف جميع الأشياء في العالم المرئي وغير المرئي. وبالتالي، لا يوجد حاجة له لتلقي التقارير من الملائكة حول تصرفات البشر وأعمالهم. لقد كتب الله مصائر الخلق ومقدراتهم منذ القدم، كما ورد في حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه:"كتبت المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة."

نزول الملائكة وعروجها جزء من سلطنة الله وتدبيره للعالم. هم مسؤولون عن تسجيل أعمال الناس وحفظها في صحائفهم، وهي مهمة ضرورية لإظهار حجّة الله يوم القيامة. ولكن يجب التأكيد هنا مرة أخرى أن علم الله غير متوقف على هذه العملية؛ إنه عالم غيبي وشاهد لكل الأشياء بلا حدود ولا نسيان.

وفي الحديث المتفق عليه، يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:"يتلاقون فيكم ملاكه بالليل وملآئكه بالنهار، ويجتمعون بصلاة الفجر وصلاة العصر...ثم يعرجون الذين باتوا فيكم يسألوا وهم أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟..." وهذا دليل آخر على جانب آخر من جوانب التدبير الإلهي - التواصل والتوجيه للملائكة المكلفين بمراقبة البشر ورعاية شؤونهم.

باختصار، تدبير الأمور من السماء إلى الأرض يشير إلى قدرة الله الواسعة وعلمه الكامل بكل شيء في خلقه، بغض النظر عن كيفية تنفيذ الملائكة لمهامهم الخاصة.


الفقيه أبو محمد

17997 blog posts

Reacties