تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية للشباب العربي

في عصرنا الحالي، بات العالم رقميًا أكثر من أي وقت مضى. ولا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي قد غزت حياتنا اليومية وأصبحت جزءاً أساسياً منها. وعلى الرغم م

  • صاحب المنشور: كمال السيوطي

    ملخص النقاش:
    في عصرنا الحالي، بات العالم رقميًا أكثر من أي وقت مضى. ولا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي قد غزت حياتنا اليومية وأصبحت جزءاً أساسياً منها. وعلى الرغم مما توفره هذه المنصات من فوائد مثل تسهيل الاتصال والتواصل بين الناس وتوفير فرص تعليمية وثقافية هائلة، إلا أنها تحمل أيضاً مجموعة معقدة ومتشابكة من التأثيرات الجانبية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والعقلية للأفراد، خاصة الشباب العربي.

التوقعات والمقارنة المستمرة:

أولى الآثار الرئيسية لوسائل التواصل هي خلق شعور مستمر بالتدقيق والتقويم الذاتي. يعرض المستخدمون عادة أفضل لحظاتهم وتجاربهم الناجحة عبر الإنترنت، الأمر الذي يولد عند الآخرين توقعات غير واقعية بأن الحياة مثالية ومليئة بالنجاحات الدائمة. وهذا الواقع الافتراضي المتلألئ يمكن أن يتسبب في الشعور بالنقص لدى العديد من الشباب الذين يشعرون بعدم القدرة على تحقيق تلك "الكمال" الظاهري أو مواكبته. وقد أدى هذا إلى زيادة حالات القلق والاكتئاب.

الضغط النفسي والعنف الرقمي:

ثاني أهم تأثيرات وسائل التواصل هو انتشار أعمال العنف الإلكتروني كالتنمر والإساءة عبر الإنترنت. حيث أصبح التعرض للتحرش الالكتروني شائعاً، وهو أمر مقلق للغاية خاصة عندما يأتي من داخل المجتمع نفسه. يؤدي ذلك إلى الشعور بالإذلال والخوف وفقدان الثقة بالنفس. كما تساهم حدة المناقشة السياسية والدينية الحادة عبر الشبكات الاجتماعية في خلق بيئة متوترة وغير مستقرة ذهنيا.

الانعزال الاجتماعي والشعور بالعزلة:

على الرغم من قدرة وسائل التواصل على ربط الأشخاص بعيداً عن بعضهم البعض جغرافيًا، فقد أدت أيضا إلى زيادة الشعور بالعزلة والفراغ الداخلي. إن الاعتماد الزائد عليها يؤدي إلى تقليل الوقت الذي يقضيه الفرد مع أفراد عائلته ومحيطه الاجتماعي الحقيقي. وبالتالي، يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على العلاقات الإنسانية ويؤدي إلى انعدام الصداقة الحقيقية والحميمية العاطفية.

تأثيرها المحتمل على النوم والصحة البدنية:

بالإضافة لما سبق ذكره، تظهر الدراسات الحديثة وجود علاقة مباشرة بين استخدام الهواتف المحمولة والمشاكل المرتبطة بالنوم واضطراب الدورة اليومية للجسم. كما يُستدل أيضًا أن الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات يؤدي لانخفاض مستوى نشاط الجسم، والذي بدوره يحفز على نمط حياة خاملا وقاعديا. وفي نهاية المطاف يمكن لهذه الأنماط الصحية السيئة أن تتطور لتكون عوامل محفزة للإصابة بالأمراض المزمنة كالسرطان وأمراض القلب والسمنة.

وفي الختام، بينما تحتفل الثقافة العربية بتنوع وجهات النظر حول دور التقنية في مجتمعنا المعاصر، فإن فهمنا للتبعات الطويلة المدى لاستخدام وسائل الإعلام الجديدة ضروري لحماية سلامتنا العقلية والجسدية. ومن الواضح أنه ينبغي لنا الموازنة بحذر بين مزايا وسائل التواصل الاجتماعي وآثارها السلبية حتى نحقق توازنًا مستداما بين عالمي الرقمية الحقيقي والعلاقات الشخصية الغنية.


رغدة الشاوي

3 Blog indlæg

Kommentarer