- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
لم تعد قضية بناء الثقة بين الحُكومات والشعوب مجرد موضوع نقاش سياسي نظري. بل هي حقيقة واقعة يتطلب حلها جهدًا جماعيًا للتعامل مع التحديات التي تواجه البلدان حديثي الاستقلال والديموقراطية، خاصة تلك التي شهدت تغيرات كبيرة مثل مصر عقب ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١. هذا التحول الجذري في المشهد السياسي المصري أثبت مدى أهمية العلاقة الوثيقة والمبنية على الثقة بين الأفراد والحكومة. ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ وما هي العقبات التي تعترض طريق هذا المسار نحو استعادة الثقة المتعثرة؟
التعريف بثورة يناير وأثرها الدائم
ثورة يناير المصرية، المعروفة أيضًا باسم "ثورة ٢٥ يناير"، كانت حركة شعبية واسعة النطاق دعت إلى إسقاط نظام الرئيس حسني مبارك الذي حكم البلاد بقوة منذ عام ١٩٨١. انطلاق هذه الثورة جاء نتيجة تراكم غضب شعبي بسبب الفساد المستشري والظلم الاجتماعي والاقتصادي وانتشار البطالة. وقد حققت الثورة هدفها الرئيسي بإجبار الرئيس مبارك على التنحي رسميًا في فبراير/ شباط ٢٠١١؛ لكن الآثار البعيدة المدى لتلك الأحداث تركت بصمة واضحة على بنية الدولة والنظام السياسي الحالي.
تراجع ثقة الجمهور بالحكومة
بعد نجاح الثورة، بدأ المواطنون يشعرون بخيبة أمل متزايدة بشأن أداء الحكومة الجديدة وتفاعلها مع مطاليبهم الأساسية. كان هناك توقعات عالية بأن الفترة الانتقالية ستكون فرصة لإصلاح النظام وتحقيق عدل أكثر وإنهاء سنوات طويلة من القمع والتجويع لكثير من طبقات المجتمع المختلفة. إلا أنه سرعان ما ظهرت علامات ضعف لدى المؤسسات السياسية حيث فشل العديد منها في تقديم خدمات فعالة أو اتخاذ قرارات شفافة ومستدامة تلبي طموحات الشعب. وهكذا، فقد الكثير من الناس ثقتهم في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المعلنة أثناء فترة ما قبل وبعد الثورة مباشرة.
عوامل تقويض الثقة: فساد وتخبط سياسى
من العوامل الرئيسية التي غذّت عدم الثقة الشعبي تجاه الحكومة المصرية زيادة حالات الفساد وسط المسؤولين المنتخبين، مما عزز الاعتقاد بأن الكسب غير المشروع أصبح جزءاً منهجيًا ضمن طريقة إدارة الشأن العام. بالإضافة لذلك، تشابكت السياسة الداخلية والخارجية بطرق ملتوية وخلافية للغاية الأمر الذي زاد من الضبابية حول نوايا الحكومة الحقيقية بالنسبة للمواطنين. كما شكلت سياسات التقشف الاقتصادية، والتي فرضتها عدة مرات خلال السنوات التالية لانتفاضة٢٥يناير2011 ، عائق آخر أمام تحسين وضع الفقراء والأقل حظوظا اجتماعياً . كل هذه المؤشرات مجتمعة خلقت بيئة مشحونة بالتشكيك وساهمت بشكل كبير بتآكل الروابط الأخلاقية والثقة بين السكان بحكامهم المحليين.
خطوات لاستعادة الثقة
إن ترميم العلاقات المنكسرة ليس مهمة سهلة ولايمكن إنهاؤها ليلاً. ولكنه ضروري لتحقيق الاستقرار واستمرارية أي عملية انتقال ديمقراطي. ويتطلب التنفيذ الناجح لهذه الاستراتيجية إعادة النظر بشكل جذري في السياسات العامة وتطبيق إجراءات جديدة تستند لمبادئ العدالة الاجتماعية والمساءلة. وينبع جوهر النهضة هنا من وجود قيادة تسعى جادة للتواصل المفتوح والشفاف فيما يناسب مصالح جميع أفراد الوطن وليس طرف واحد فقط. إن احترام آراء