"نظرية المجاز عند ابن تيمية"
سأكتب سلسلة تغريدات، فيها تلخيص وشرح لكلام شيخ الإسلام في المجاز، وهذا التلخيص هو حصيلة ملاحظات دونتها من قراءات متنوعة، ولن أناقش الأمور الأخرى المرتبطة بهذه النظرية، فالكلام فيها يطول.. إنما سأنظر لها من جهة كونها نظرية لغوية فقط..
أولا النظرية السائدة عند أغلب العلماء والبلاغيين هي أن اللفظ ينقسم إلى حقيقة ومجاز.
ويعرفون الحقيقة: بأنها اللفظ المستعمل فيما وضع له.
والمجاز: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له.
فإذا قيل رأيت أسدا يأكل غزالا، فالأسد حقيقي، ولكن إذا قيل رأيت أسدا يحمل سيفا، فهي مجاز للرجل الشجاع
يرفض ابن تيمية هذا النظرية، ويؤسس عوضا عنها نظرية جديدة. وسواء قبلنا ما قاله الشيخ أو رفضناه، إلا أنه من الخطأ (وهذا ما وقع به كثيرون) أن نسطح نظرية ابن تيمية وننظر لها على أنها مجرد مقولة في نفي المجاز، بل هي نظرية لغوية متكاملة ومحكمة، تنسجم مع رؤية ابن تيمية العقدية والفلسفية.
يقدم ابن تيمية مجموعة اعتراضات على تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز، وهي:
أولا القول بأن المجاز هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له. يفترض أن الوضع سابق على الاستعمال، أي أن الألفاظ وُضعت لمعانيها المناسبة قبل أن يستعملها أحد، وكأن مجموعة من الناس اجتمعوا واتفقوا على تحديد معاني الألفاظ
وهذا خطأ لسببين:
١- أنها قضية غير مبرهن عليها، فليس ثمة إثبات على أن مجموعة من العرب مثلا جلسوا ثم وضعوا لكل لفظ معنى، فصار كل لفظ يناسب معنى واحدا، وإذا استُعمل لغير لهذا المعنى كان اللفظ مجازا!
٢- أن الألفاظ لا تكتسب معانيها بهذه الطريقة الوضعية، بل تتحقق في الاستعمال نفسه.